ليس بصيد .. فهو مخطئ، وإنما شرط التعمد في الآية مع أن محظورات الإحرام يستوي فيها العمد والخطأ في جزاء الإتلافات؛ لأن مورد الآية فيمن تعمد. فقد روي: أنه عنَّ لهم في عمرة الحديبية حمار وحشي، فحمل عليه أبو اليسر بن عمرو فقتله، فقيل له: إنك قتلت الصيد وأنت محرم، فنزلت الآية؛ ولأن الأصل فعل المتعمد والخطأ ملحق به للتغليظ. وعن الزهري: نزل الكتاب بالعمد ووردت السنة بالخطأ.

{فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ}؛ أي: فعليه (?) ضمان شبه ما قتله من الصيد حالة كون ذلك المثل {مِنَ النَّعَمِ}؛ أي: من الإبل والبقر والغنم؛ أي: ومن قتل شيئًا من الصيد وهو محرم قاصدًا قتله .. فعليه جزاءٌ من الأنعام مماثل لما قتله في هيئته وصورته وخلقته إن وجد ذلك المثل. فقد روى الدارقطني عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "في الضبع إذا أصابه المحرم كبشٌ، وفي الظبي شاةٌ، وفي الأرنب عناقٌ - الأنثى من ولد المعز قبل أن تبلغ سنة - وفي اليربوع جفرة - الأنثى من ولد الضأن التي بلغت أربعة أشهر - ". وأخرج ابن أبي شيبة عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الضبع صيد، فإذا أصابه المحرم .. ففيه جزاءٌ كبش مسن، وتؤكل".

وإن لم يوجد المماثل من النعم، فقيمته حيث صيد، أو في أقرب الأماكن إليه. قال القاضي أبو يعلى (?): والصيد الذي يجب الجزاء بقتله ما كان مأكول اللحم؛ كالغزال وحمار الوحش والنعامة ونحو ذلك، أو كان متولدًا من حيوان يؤكل لحمه؛ كالسبع فإنه متولد من الضبع والذئب، وما عدا ذلك من السباع كلها فلا جزاء على قاتلها، سواء ابتدأَ قتلها، أو عَدَت عليه فقتلها دفعًا عن نفسه؛ لأن السبع لا مثل له صورة ولا قيمة، فلم يدخل تحت الآية، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أجاز للمحرم قتل الحية والعقرب والفويسقة والغراب والحدأة والكلب العقور والسبع العادي. قال: والواجب بقتل الصيد فيما له مثل من الأنعام .. مثله، وفيما لا مثل له .. قيمته، وهو قول مالك والشافعي. وقال أبو حنيفة: الواجب فيه القيمة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015