وحمل المثل على القيمة. وظاهر الآية يرد ما قال، ولأن (?) الصحابة حملوا الآية على المثل في الصورة والخلقة والصغر والعظم، فحكموا في بلدان شتى وأزمان مختلفة بالمثل من النعم، فحكموا في النعامة ببدنة، وهي لا تساوي بدنة، وحكموا في حمار الوحش ببقرة، وهو لا يساوي بقرة وكذا في الضبع بكبش، فدل ذلك على أنهم إنما نظروا إلى ما يقرب من الصيد شبهًا من حيث الخلقة، فحكموا به، ولم يعتبروا القيمة، فيجب في الظبي شاة، وفي الأرنب سخل، وفي الضب سخلة، وفي اليربوع جفرة، ويجب في الحمامة وكل ما عب وهدر كالفواخت والقمري وذوات الأطواق شاة، وما سواه من الطير ففيه القيمة في المكان الذي أصيب فيه، وقتل المحرم بحج أو عمرة للصيد حرامٌ بالإجماع لنفس الآية، وأكل المحرم مما صاده الحلال جائز؛ لما روي: (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة أكلوا مما أهدي إليهم من لحم الحمار الوحشي).
وقرأ عاصم وحمزة والكسائي (?): {فَجَزَاءٌ} بالتنوين {مِثْلُ} بالرفع، فارتفاع جزاء على أنه مبتدأ خبر محذوف تقديره: فعليه جزاء، ومثل صفة له؛ أي: فعليه جزاء مماثل ما قتل. وقرأ باقي السبعة: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ} برفع جزاء وإضافته إلى مثل، فيكون {مثل} مقحمًا، والتقدير: فجزاء ما قتل. وقيل: من إضافة المصدر إلى المفعول، ويدل على هذا التقدير قراءة السلمي: {فجزاءٌ} بالرفع والتنوين {مِثْلَ مَا قَتَلَ} بالنصب.
وقرأ محمد بن مقاتل {فجزاءً مثلَ ما قتل} بنصب جزاء ومثل، والتقدير: فليُخرج جزاءً مثلَ ما قتل، و {مثل} صفة لـ {جزاء}. وقرأ الحسن: {من النعْم} بسكون العين تخفيفًا.
فائدة: والظاهر من تقييد المنهيين عن القتل بقوله: {وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} أنه لو صاد الحلال بالحل، ثم ذبحه في الحرم، فلا ضمان، وهو حلال، وبه قال الشافعي.
وقال أبو حنيفة: عليه الجزاء، ذكره أبو حيان في "البحر".