يعلم الشيء وإن كان هو عالمًا به تربيةً لكم، وتزكية لنفوسكم، وتطهيرًا لها. وقرأ الزهري: {لِيَعْلَمَ اللَّهُ} من أعلم الرباعي، وقال ابن عطية: أي ليعلم عباده. انتهى. فيكون من: أعلم المنقولة من عَلِم المتعدية إلى واحد تعدي عرف، فحذف المفعول الأول، وهو: عباده؛ لدلالة المعنى عليه، وبقي المفعول الثاني، وهو: من يخافه.
{فَمَنِ اعْتَدَى} بأخذ شيء من ذلك الصيد {بَعْدَ ذَلِكَ} البيان الذي أخبركم الله تعالى به قبل حصوله {فَلَهُ}؛ أي: فلذلك المعتدي بالاصطياد {عَذَابٌ أَلِيمٌ}؛ أي: مؤلم شديد في الآخرة؛ إذ هو لم يبال باختبار الله له، بل انتهك حرمة نواهيه، وأبان أنه لا يخافه بالغيب، بل يخاف لوم المؤمنين وتعزيرهم له إذا هو أخذ شيئًا من الصيد بمرأى منهم ومسمع، كما هو دأب المنافقين الذين يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلًا.
95 - {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}؛ أي: صدقوا الله ورسوله {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ}؛ أي: لا تقتلوه ولا تتعرضوا له بإتلاف ولا اصطياد، والحال أنكم محرمون بالحج أو العمرة، أو داخلون في الحرم المكي. نهاهم عن قتل الصيد في حال الإحرام. وفي معناه: {غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ}، وهذا النهي شامل لكل أحد من ذكور المسلمين وإناثهم؛ لأنه يقال: رجل حرام، وامرأة حرام، والجمع: حُرُم، ويقال: أحرم الرجل إذا دخل في الحرم، وأحرم أيضًا إذا عقد الإحرام، فلا يجوز قتل الصيد للمحرم، ولا في الحرم. نزلت (?) هذه الآية في أبي اليسر، شد على حمار وحش فقتله وهو محرم، ثم صار هذا الحكم عامًّا، فلا يجوز قتل الصيد ولا التعرض له ما دام محرمًا، ولا في الحرم، ومقتول المحرم من الصيد ميتة، وإن ذبحه بقطع حلقومه ومريئه، وذلك لأن المحرم ممنوع من ذبحه لمعنى فيه؛ كذبح المجوسي. والمراد بالصيد: كل حيوان متوحش مأكول اللحم، وهذا قول الشافعي. وقال (?) أبو حنيفة: هو كل حيوان