جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا ...} إلى آخر الآية.
وروى النسائي والبيهقي عن ابن عباس قال: إنما نزل تحريم الخمر في قبيلتين من قبائل الأنصار، شربوا، فلما أن ثمل القوم .. عبث بعضهم ببعض، فلما صحوا جعل الرجل يرى الأثر في وجهه ورأسه ولحيته فيقول: صنع بي هذا أخي فلان، وكانوا إخوة ليس في قلوبهم ضغائن، فيقول: واللهِ لو كان بي رؤوفًا رحيمًا .. ما صنع بي هذا، حتى وقعت الضغائن في قلوبهم، فأنزل الله هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ ...} الآية. فقال ناس من المتكلفين: هي رجس، وهي في بطن فلان قُتل يوم بدر، وفي بطن فلان قُتل يوم أحد، فأنزل الله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ...} الآية.
قوله تعالى (?): {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا ...} الآية، سبب نزولها: ما أخرجه البخاري عن أنس - رضي الله عنه - قال: كنت ساقي القوم في منزل أبي طلحة، وكان خمرهم يومئذ الفضيخ، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مناديًا ينادي: ألا إن الخمر قد حُرِّمت قال: فقال لي أبو طلحة: أخرج فأهرقها، فجَرَت في سكك المدينة، فقال بعض القوم: قد قتل قوم وهي في بطونهم، فأنزل الله: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا ...} الآية.
قوله تعالى: {قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ ...} الآية، سبب نزول هذه الآية: ما أخرجه الواحدي والأصبهاني في "الترغيب" عن جابر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر تحريم الخمر، فقام أعرابي فقال: إني كنت رجلًا كانت هذه تجارتي فاعتبقت منها مالًا، فهل ينفع ذلك المال إن عملت بطاعة الله تعالى؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن الله لا يقبل إلا الطيب، فأنزل الله تعالى تصديقًا لرسوله - صلى الله عليه وسلم -: {قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ ...} الآية.
وفي "مسند" أحمد، و"مسند" أبي داود والترمذي: أن عمر كان يدعو الله تعالى: اللهم بيِّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا، فلما نزلت آية البقرة .. قرأها عليه