على اليمين لا يجوز، بل بعد اليمين، وقبل الحنث إذا أراد الحنث كما تقدم.
{وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ}؛ أي: قللوا أيمانكم ولا تبذلوها في أتفه الأمور وأحقرها، ولا تكثروا من الأيمان الصادقة فضلًا عن الأيمان الكاذبة قال تعالى: {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ}، أو إذا حلفتم .. فلا تنسوا ما حلفتم عليه، أو لا تحنثوا فيها ما استطعتم إلا لضرورة تعرض أو مصلحة تجعل الحنث راجحًا أو بأن تكفروها إذا حنثتم {كَذَلِك}؛ أي: كما بين لكم كفارة أيمانكم إذا حنثتم. {يُبَيِّنُ اللَّهُ} سبحانه وتعالى {لَكُمْ} أيها المؤمنون {آيَاتِهِ}؛ أي: أعلام شريعته, وأحكام دينه، وجميع ما تحتاجون إليه في أمر دينكم {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} نعمه التي أنعم بها عليكم التي من أجلها: بيان آياته وأحكام شريعته.
وهنا فصلان مهمان:
الفصل الأول في بيان حكم الآية، وفيه مسائل
المسألة الأولى: في بيان الكفارة، وهي أربعة أنواع:
النوع الأول من الكفارة: الإطعام، فيجب إطعام عشرة مساكين، واختلفوا في قدر ما يطعم لكل مسكين. فذهب قوم إلى أنه يطعم لكل مسكين مد من الطعام بمد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو رطل وثلث بالبغدادي من غالب قوت البلد، وكذلك سائر الكفارات، وهذا قول ابن عباس وابن عمر وزيد بن ثابت، وبه قال سعيد بن المسيب، والقاسم بن محمد، وسليمان بن يسار، وعطاء، والحسن، وإليه ذهب مالك والشافعي.
ويروى عن عمر وعلي وعائشة: أنه يطعم لكل مسكين مدان من بر، وهو نصف صاع، وبه قال أهل العراق. وقال أبو حنيفة: إن أطعم من الحنطة فنصف صاع، وإن أطعم من غيرها فصاع، وهو قول الشعبي والنخعي وسعيد بن جبير ومجاهد. وقال أحمد بن حنبل: يطعم لكل مسكين مد من البر، أو نصف صاع من غيرها؛ مثل التمر والشعير. ومن شرط الإطعام تمليك الطعام للمساكين، فلو عشاهم وغداهم .. لم يجزه. وقال أبو حنيفة: يجزيه ذلك، ولا يجوز إخراج القيمة في الكفارة كالدراهم والدنانير. وقال أبو حنيفة: يجوز ذلك. ولا إخراج