مثلًا .. صام عند القدرة، فإن لم يقدر لكونه دنفًا - أي ملازم المرض - يرجى له عفو الله ورحمته إذا صحت نيته وصدقت عزيمته.
والاستطاعة أن يجد ذلك القدر الذي يكفر به فاضلًا عن قوته وقوت عياله يومه وليلته، وعن كسوته بقدر ما يطعم أو يكسو. وقد روى ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما نزلت آية الكفارة .. قال حذيفة: يا رسول الله، نحن بالخيار؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: "أنت بالخيار، إن شئت أعتقت، وإن شئت كسوت، وإن شئت أطعمت، فمن لم يجد ... فصيام ثلاثة أيام متتابعات" فلو كان ماله في غير بلده، ووجد من يسلفه .. لم ينتقل إلى الصوم، أو لم يجد من يسلفه فقيل: لا يلزمه انتظار ماله من بلده ويصوم، وهو الظاهر؛ لأنه غير واجد الآن. وقيل: ينتظر، والظاهر أنه إذا كان عنده فضل عن قوته وقوت من تلزمه نفقتهم يومه وليلته، وعن كسوتهم بقدر ما يطعم أو يكسو، فهو واجد، وبه قال أحمد وإسحاق والشافعي ومالك. وقال مالك: إلا أن يخاف الجوع، أو يكون في بلد لا يعطف عليه فيه، وقال أبو حنيفة: إذا لم يكن عنده نصاب .. فهو غير واجد. وقرأ (?) أُبي وعبد الله والنخعي: {أيام متتابعات}، واتفقوا على أن العتق أفضل، ثم الكسوة، ثم الإطعام. وبدأ الله بالأيسر فالأيسر على الحال، وهذه الكفارة التي نص الله عليها لازمة للحر المسلم.
وإذا حنث العبد .. فقال سفيان وأبو حنيفة والشافعي: ليس عليه إلا الصوم، لا يجزئه غيره. وحكى ابن نافع عن مالك: لا يكفر بالعتق؛ لأنه لا يكون له ولاء، ولكن يكفر بالصدقة إن أذن له سيده، والصوم أصوب.
{ذَلِك} المذكور من الخصال الأربعة من الإطعام أو الكسوة أو العتق أو الصوم عند العجز عن غيره {كَفَّارَةُ} إثم حنث {أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} باللهِ أو بأحد أسمائه أو صفاته، وحنثتم أو أردتم الحنث باليمين؛ لأن الكفارة لا تجب بمجرد اليمين، إنما تجب بالحنث بعد اليمين. وفيه إشارة إلى أن تقديم الكفارة