والمعنى: أي ولكن يؤاخذكم بما صممتم وعزمتم عليه من الأيمان وقصدتموه إذا أنتم حنثتم فيه، وهذه المؤاخذة بينها الله سبحانه وتعالى بقوله: {فَكَفَّارَتُهُ} الخ، والكفارة الفعلية التي من شأنها أن تكفر الخطيئة؛ أي: تسترها؛ أي: فكفارة حنث الأيمان المعقودة ونقضها، أو فكفارة معقود الأيمان إذا حنثتم؛ أي: فالذي يكفر عقد اليمين إذا نقض، أو إذا أريد نقضه بالحنث به .. هو إحدى الخصال الثلاث الآتية على سبيل التخيير:

1 - إما {إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ}، أو فقراء، لكل مسكين مدّ عند الشافعية، ونصف صاع عند الحنفية؛ أي: تمليك عشرة مساكين، ولا (?) يتعين كونهم من فقراء بلد الحالف، والمساكين أعم من أن يكونوا ذكورًا أو إناثًا أو من الصنفين. والظاهر اشتراط تعدد الأشخاص، فلو أطعم مسكينًا واحدًا كفارة عشرة أيام .. لم يجزه، وبه قال مالك والشافعي. وقال أبو حنيفة يجزئ. {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ} أيها الناس {أَهْلِيكُمْ}؛ أي: من أقصد ما تطعمونهم وأغلبه من غالب قوت بلد الحالف؛ أي: محل الحنث، لا من أعلاه ولا أدناه؛ أي: إطعام وجبة واحدة - الوجبة: الأكلة الواحدة في اليوم - لكل منهم من الطعام الغالب الذي يأكله أهلوكم في بيوتكم، لا من أردئه وأخسه الذي يتقشفون به تارة، ولا من أعلاه الذي يتوسعون به تارة أخرى؛ كطعام العيد ونحوه مما تكرم به الأضياف، فمن كان طعام أهله خبز البر، وأكثر إدامه اللحم بالخضر أو بدونها .. فلا يجزئ ما دون ذلك مما يأكلونه إذا قرفت أنفسهم من كثرة أكل الدسم؛ ليعود إليها نشاطها، والأعلى مجزىء على كل حال؛ لأنه من الوسط وزيادة، والثريد بالمرق، وقليل من اللحم أو الخبز مع الملوخية أو الرز أو العدس، من أوسط الطعام في مصر وكثير من الأقطار الشرقية الآن، وكان التمر أوسط طعام أهل المدينة في العصر الأول، وأجاز أبو حنيفة إطعام مسكين واحد عشرة أيام كما مر آنفًا.

2 - {أَوْ كِسْوَتُهُمْ}؛ أي: كسوة عشرة مساكين، قرأ الجمهور (?): {أَوْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015