[164]

لم ينزِّل على أحد منهم كتابًا جملة واحدة، فلهذا لم يذكر موسى عليه السلام

164 - {وَ} كما أرسلنا {رُسُلًا} آخرين غير هؤلاء {قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ} يا محمَّد {مِنْ قَبْلُ}؛ أي: من قبل تنزيل هذه السورة، وهم الذين ذكرت أسماؤهم في السور المكية، كقوله في سورة الأنعام - في سياق الكلام عن إبراهيم -: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (84) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ (85) وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ (86)} {وَ} كما أرسلنا {رُسُلًا} آخرين غير هؤلاء المذكورين {لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ} يا محمَّد، كالذين (?) أرسلوا إلى الأمم المجهول تاريخها عند قومك وعند أهل الكتاب المجاورين لبلادك، كالصين واليابان والهند وأوروبا وأمريكا وأفريقيا وأروميا.

وإنّما لم يقص الله علينا خبرهم؛ لأن القصد من القصم: العبرة والتثبيت والذكرى والاحتجاج على نبوته - صلى الله عليه وسلم -، - كما أشار إلى ذلك في قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ}، وقوله: {وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (120)} - وكل هذا يَثبت بذكر من قصهم الله علينا من الرسل.

فائدة: في أن إرسال الرسل عام في كل الأمم الأبيض والأحمر والأسود، وعلينا أنْ نعلم أن الله تعالى قد أرسل رسلًا في كل الأمم الأبيض والأحمر والأسود، فكانت رحمته بهم عامة، لا مختصة بشعب وجنس معين، كما يزعم أهل الكتاب، يرشد إلى ذلك قوله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}. وقوله: {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ}. وهذه حقيقة دلَّ عليها الدّين السماوي، ولم يكن يعلمها أهل الكتاب الذين يزعمون أن القرآن مقتبس من كتبهم، وكم فيه من حقائق جلاها للناظرين بجميل بيانه،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015