ليس بالكذَّاب، والنصراني يعلم أنه عبد الله ورسولُه وليس بإله، وليس هو بابن الله.
وفائدة إخبارهم بذلك: بيان أنه لا ينفعهم حينئذ إيمانهم، فعليهم أن يبادروا به قبل أن يضطروا إليه مع عدم الجدوى والفائدة {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ} عيسى عليه السلام {عَلَيْهِمْ}؛ أي: على أهل الكتاب {شَهِيدًا} فيشهد على اليهود: أنهم كذبوه وطعنوا فيه، وعلى النصارى: أنهم أشركوا به، وكل نبي شاهد على أمته، كما قال تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا (41)}، وقد ورد في الآثار ما يدل على اطلاع الناس قبل موتهم على منازلهم في الآخرة، فيبشرون برضوان الله أو بعذابه وعقوبته. روى البخاري عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن المؤمن إذا حضره الموت بشر برضوان الله وكرامته، وإن الكافر إذا حضر - حضره الموت - بشر بعذاب الله وعقوبته". وروى ابن مردويه عن ابن عباس: "ما من نفس تفارق الدنيا حتى ترى مقعدها من الجنة أو النار" وهذا يؤيد ما روي عن ابن عباس في تفسير الآية: من أن الملائكة تخاطب من يموت من أهل الكتاب قبل خروج روحه بحقيقة أمر المسيح مع الإنكار الشديد والتقبيح.
فصل في بيان الخلاف الجاري في مرجع الضمير في قوله: {قَبْلَ مَوْتِهِ}
واعلم: أنه اختلف المفسرون في هذا الضمير إلى من يرجع (?):
فقال ابن عباس وأكثر المفسرين: إن الضمير يرجع إلى الكتابي، والمعنى على هذا القول: وما من أحد من أهل الكتاب إلا آمن بعيسى قبل موت ذلك الكتابي، ولكن يكون ذلك الإيمان عند الحشرجة حين لا ينفعه إيمانه. قال ابن عباس رضي الله عنهما: معناه إذا وقع في اليأس حين لا ينفعه إيمانه، سواء احترق أو تردى من شاهق أو سقط عليه جدار أو أكله سبع أو مات فجأة، فقيل