له: أرأيت إن ضربت عنقه؟ قال: يتلجلج به لسانه. وقال شهر بن حوشب: إن اليهودي إذا حضره الموت ضربت الملائكة بأجنحتها وجهه ودبره، وقالوا: يا عدو الله، أتاك عيسى نبيًّا فكذَّبت به! فيقول: آمنت أنه عبد الله ورسولُه، وتقول للنصراني: أتاك عيسى نبيًّا فزعمت أنه الله وابن الله! فيقول: آمنت أنه عبدُ الله، فأهل الكتابين يؤمنون به، ولكن حيث لا ينافعهم ذلك الإيمان.
وذهب جماعة من أهل التفسير إلى أن الضمير يرجع إلى عيسى عليه السلام، وهو رواية عن ابن عباس رضي الله عنهما أيضًا، والمعنى على هذا: وما من أحد من أهل الكتاب إلا ليؤمنن بعيسى قبل موت عيسى، وذلك عند نزوله من السماء في آخر الزمان، فلا يبقى أحد من أهل الكتابين إلا آمن بعيسى حتى تكون الملة واحدةً وهي ملة الإِسلام.
قال عطاء: إذا نزل عيسى إلى الأرض لا يبقى يهوديٌّ ولا نصراني ولا أحدٌ يعبد غير الله إلا آمن بعيسى وأنه عبد الله وكلمته، ويدل على صحة هذا القول: ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حَكَمًا مقسطًا، فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد". متفق عليه. زاد في رواية "حتى تكون السجدة الواحدة خيرًا من الدنيا وما فيها"، ثم يقول أبو هريرة رضي الله عنه: اقرؤوا إن شئتم {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} الآية. وفي رواية قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "والله لينزلنَّ فيكم ابن مريم حَكَمًا عادِلًا، فليكسرن الصليب وليقتلن الخنزير وليضعن الجزية، ولتتركن القلاص فلا يسعى عليها؛ وليذهبن الشحناء والتباغض والتحاسد، وليدعون إلى المال فلا يقبله أحد". أخرجاه في "الصحيحين".
ففي هذا الحديث دليل على أن عيسى ينزل في آخر الزمان في هذه الأمة، ويحكم بشريعة محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، وأنه لا ينزل نبيًّا برسالة مستقلةٍ وشريعة ناسخة، بل يكونُ حاكمًا من حكام هذه الأمة وإمامًا من أئمتهم؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فيكسر الصليب" يعني: يكسره حقيقة ويبطل ما تزعمه النصارى، وكذلك قتله الخنزير، وقوله: