والرسالة فيهم لا ألوهية كما ادعت النصارى، ثم قال تعالى إبطالًا وردًّا لدعواهم قتله وصلبه: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ}؛ أي: ادعوا قتله وصلبه، والحال أنهم ما قتلوه كما ادعوا، وما صلبوه كما زعموا وشاع بين الناس {وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ}؛ أي: ألقي شبه عيسى على غيره حتى قتِل وصلب، فظنّوا أنّهم قتلوا عيسى وصلبوه، وهم إنما قتلوا غيره وصلبوه، قيل: ألقي شبه عيسى على ططيانوس، فقتلوه بدل عيسى. قال أبو حيان: لم نعلم كيفية القتل، ولا من ألقي عليه الشبه، ولم يصح بذلك حديث.
روى (?) النسائي عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رهطًا من اليهود سبوه وأمه، فدعا عليهم، فمسخهم اللهُ قردةً وخنازير، فاجتمعت اليهود على قتله، فأخبره الله بأنه يرفعه إلى السماء. اهـ خطيب. وفي القرطبي في آل عمران قال الضحاك: لما أرادوا قتل عيسى اجتمع الحواريون في غرفة، وهم: اثنا عشر رجلًا، فدخل عليهم المسيح من مشكاة الغرفة، فأخبر إبليس جميع اليهود، فركب أربعة آلاف رجل فأخذوا باب الغرفة، فقال المسيح للحواريين: أيكم يخرج ويُقْتَل ويكون معي في الجنة؟ فقال رجل: أنا يا نبي الله، فألقى إليه مدرعته من صوف وعمامته من صوف وناوله عكازه، وألقى اللهُ عليه شبه عيسى، فخرج على اليهود فقتلوه وصلبوه، وأما المسيح فكساه الله الريش وألبسه النور وقطع عنه لذة الطعام والمشرب، فصار مع الملائكة اهـ.
{وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ}؛ أي: في شأن عيسى {لَفِي شَكٍّ مِنْهُ}؛ أي: لفي تردد من قتله، وذلك أنهم لما قتلوا الشخص المشبه به .. كان الشبه ألقي على وجهه فقط، ولم يلق على سائر جسده شبه جسد عيسى فلما قتلوه .. نظروا إليه فقالوا: الوجه وجه عيسى، والجسد جسد غيره؛ فاختلفوا، فقال بعضهم: هذا عيسى، وقال بعضهم: الوجه وجه عيسى، والبدن بدن صاحبنا، فليس هذا المقتول بعيسى. وقال بعضهم: إن كان هذا عيسى فأين صاحبنا؟ وإن كان هذا صاحبنا فأين عيسى؟ {مَا لَهُمْ}؛ أي: ما لليهود {بِهِ}؛ أي: بقتله {مِنْ عِلْمٍ}؛ أي: من يقين، أقتل أم لم يقتل؟ {إلا اتباع الظن} استثناء منقطع؛ أي: ما لهم