وحين الفرقة والنشوز، والاستفتاء طلب الفتوى، وهو إظهار ما أشكل من الأحكام الشرعية وكشفه وتبيينه، قال المفسرون: والذي استفتوه فيه هو ميراث النساء والصغار، وذلك أنهم كانوا لا يورثون النساء ولا الصغار من الأولاد، فلما نزلت آية الميراث: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} .. قالوا: يا رسول الله كيف ترث المرأة والصغير، وكيف نعطي المال من لا يركب فرسًا، ولا يحمل سلاحًا، ولا يقاتل عدوًّا؟ فأجابهم بهذه الآية فقال: {قُلِ} لهم يا محمَّد في جواب استفتائهم {اللَّهُ} سبحانه وتعالى {يُفْتِيكُمْ}؛ أي: يبين لكم ما أشكل عليكم {فِيهِنَّ}؛ أي: في حقوقهن وشؤونهن من الميراث والمعاشرة وغير ذلك، بما يوحيه إليك من الأحكام المبينة في الأحاديث، وبما سيأتي من الآيات الكريمة المتعلقة بشؤون النساء، {و} يبين لكم أيضًا {ما يتلى} ويقرأ {عَلَيْكُمْ} أيها المؤمنون {فِي الْكِتَابِ}؛ أي: في القرآن مما نزل في أول هذه السورة {فِي يَتَامَى النِّسَاءِ}؛ أي: في بيان حقوق اليتامى من النساء، وقرىء (?) {في يتامى النساء} بيائين والأصل أيامى النساء، فأبدلت الهمزة ياء، كما قالوا: فلان ابن أعصر ويعصر، {اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ}؛ أي: اللاتي لا تعطونهن ما وجب لهن من الميراث أو الصداق، وذلك لأنهم يورثون الرجال دون النساء، والكبار دون الصغار، فإنهم لا يعطونهن ما كتب لهن من الإرث إذا كان في أيديهم لولايتهم عليهن، {وَتَرْغَبُونَ}؛ أي: تطمعون في {أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} وتتزوجوهن لمالهن وجمالهن بأقل من صداقهن، أو ترغبون وتعرضون عن أن تنكحوهن وتتروجوهن لدمامتهن، وتمسكوهن رغبة في مالهن، فلا تنكحوهن ولا تُنكحوهن غيركم حتى يبقى مالهن في أيديكم، وقد كان الرجل منهم يضم اليتيمة ومالها إلى نفسه، فإن كانت جميلة .. تزوجها وأكل المال، وإن كانت دميمة .. عضلها عن التزوج حتى تموت فيرثها، والمراد بالذي يتلى في يتامى النساء هو قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى ..} الآية، وقوله: {وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ} معطوف على يتامى النساء؛ أي: ويبين لكم ما يتلى