ملكه، فهو مستغن عنهم، وقادر على تثبيتهم على طاعته فيما شرعه لخيرهم ومصلحتهم، بل ليزدادوا بتدبرها إيمانًا يحملهم على العمل بها والوقوف عند حدودها.

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ ...} مناسبتها لما قبلها: أنه تعالى لما ذكر النساء والنشوز والمصالحة .. أعقبه بالقيام بأداء حقوق الله تعالى، وفي الشهادة حقوق لله، أو لأنه لما ذكر تعالى طالب الدنيا، وأنه عنده ثواب الدنيا والآخرة .. بين أن كمال السعادة أن يكون قول الإنسان وفعله لله تعالى، أو لأنه ذكر في هذه السورة: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} والإشهاد عند دفع أموال اليتامى إليهم، وأمر ببذل النفس والمال في سبيل الله، وذكر قصة بن أبيرق، واجتماع قومه على الكذب والشهادة بالباطل، وندب للمصالحة .. أعقب ذلك بأن أمر عباده المؤمنين بالقيام بالعدل والشهادة لوجه الله سبحانه وتعالى، وأتى بصيغة المبالغة في {قَوَّامِينَ} حتى لا يكون منهم جور ما.

وقيل: المناسبة أن الله سبحانه وتعالى لما أمر (?) بالقسط في اليتامى والنساء، في سياق الاستفتاء فيهن؛ لأن حقهن آكد، وضعفهن معهود .. عمم الأمر هنا بالقسط بين الناس؛ لأن قوام أمور الاجتماع لا يكون إلا بالعدل، وحفظ النظام لا يتم إلا به، وبما فيه من الشهادة لله بالحق، ولو على النفس والوالدين والأقربين، وعدم محاباة أحد لغناه أو لفقره؛ لأن العدل مقدم على حقوق النفس وحقوق القرابة وغيرها، وقد كانت سنة الجاهلية محاباة ذوي القربى؛ لأنه يعتز بهم، كما كانوا يظلمون النساء واليتامى لضعفهن وعدم الاعتزاز بهن.

قوله تعالي: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ...} الآية، مناسبتها لما قبلها (?): أنه تعالى لما أمر المؤمنين بالقيام بالقسط والشهادة لله .. بين أنه لا يتصف بذلك إلا من كان راسخ القدم في الإيمان بالأشياء المذكورة في هذه الآية، فأمر بها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015