[124]

من غيرهم من المخلوقات التي اتخذها بعض البشر آلهة وأربابًا من دون الله، فكل تلك الأماني تكون أضغاث أحلام، وإنما يكون المدار في ذلك على الإيمان والأعمال، وأما شفاعة الأنبياء والملائكة في حق العصاة فإنما تكون بإذن الله تعالى، وإذا كان الأمر كذلك .. فلا وليَّ لأحد ولا نصير لأحد إلا الله تعالى.

وقرأ الجمهور: {وَلَا يَجِدْ} بالجزم عطفًا على الجزاء، وروى ابن بكار عن ابن عامر: {وَلَا يَجِدْ} بالرفع على الاستئناف.

124 - {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ}؛ أي: بعضها (?)، حالة كونه {مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى} أو خنثى، {وَهُوَ مُؤْمِنٌ}؛ أي: وحالة كونه مؤمنًا، فالحال الأولى لبيان من يعمل، والحال الثانية لإفادة اشتراط الإيمان في كل عمل صالح، {فَأُولَئِكَ} العاملون المتصفون بالإيمان {يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ} جزاءً على عملهم الصالح، {وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا}؛ أي: ولا ينقصون من جزاء أعمالهم الصالحة شيئًا قليلًا ولا كثيرًا، ولو قدر نقرة النواة.

ويستفاد من الآية: أن جزاء الأعمال الصالحة في الآخرة، وأما النعم التي يعطاها المؤمن في الدنيا من عافية ورزق وغير ذلك، فليست جزاء لأعماله الصالحة، بل تكفل الله بها لكل حي في الدنيا مسلمًا أو كافرًا، وإذا لم (?) ينقص ثواب المطيع، فلأن لا يزاد عقاب العاصي أولى وأحرى، كيف لا والمجازي أرحم الراحمين، وهو السر في الاقتصار على ذكره عقيب الثواب.

ومعنى الآية: أي ومن (?) يعمل كل ما يستطيع عمله من الأعمال التي تصلح بها النفوس، في أخلاقها وآدابها وأحوالها الاجتماعية، سواء كان العامل ذكرًا أو أنثى، وهو مطمئن القلب بالإيمان .. فأولئك العاملون المؤمنون بالله واليوم الآخر يدخلون الجنة، بزكاء أنفسهم وطهارة أرواحهم، ولا يظلمون من أجور أعمالهم شيئًا، ولو حقيرًا كالنقير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015