الحلف والنصرة وصافحت أيمانكم أيمانهم عند العقد، فآتوهم وأعطوهم الآن؛ أي: في صدر الإِسلام نصيبهم وحظهم الذي تعطونهم في الجاهلية وهو السدس، وكان الحليف في الجاهلية يرث السدس من مال حليفه فنسخ بقوله تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} وهذا التفسير مرويٌّ عن ابن عباس. وقيل معنى الآية: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ}؛ أي: ولكل (?) من الرجال الذين لهم نصيبٌ مما اكتسبوا، ومن النساء اللاتي لهن نصيب مما اكتسبن جعلنا موالي مما ترك؛ أي: أقارب وأولياء لهم حق الولاية على ما يتركونه من كسبهم ومالهم ويرثونه منهم، ثم بيَّن هؤلاء الموالي فقال: {الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ}؛ أي: أولئك الموالي الذين يرثون كلًّا من الفريقين هم الوالدان والأقربون والأزواج، الذين عقدت لهم أيمانكم؛ أي: إن هؤلاء الموالي هم جميع الورثة، من الأصول والفروع والحواشي والأزواج الذين عقدت أيمانكم، فإن كلًّا من الزوجين له حق الإرث بالعقد، والمتعارف عند الناس في العقد أن يكون المصافحة باليدين، قاله أبو مسلم الأصفهاني.

{فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ}؛ أي: فأعطوهم هؤلاء الموالي نصيبهم المقدر لهم، ولا تنقصوهم منه شيئًا، وقيل: إن (?) لفظة كل واقعة على تركة، ومما ترك بيان لـ (كل)، والمعنى: ولكل تركة كائنة مما ترك الوالدان والأقربون، ومما ترك الزوج والزوجة الذين عقدت أيمانكم جعلنا موالي وورثة متفاوتة في الدرجة، يلونها ويحرزون منها أنصبائهم بحسب استحقاقهم، فالمراد بالذين عقدت أيمانكم الأزواج والزوجات، فالنكاح يسمى عقدًا، وهو قول أبي مسلم الأصفهاني.

ويصح (?) أن تكون جملة جعلنا موالي صفة لكل، والضمير الراجع إليه محذوف، والكلام مبتدأ وخبر، والمعنى حينئذ: ولكل قوم جعلناهم وارثًا نصيب معين مغاير لنصيب قوم آخرين، مما ترك المورثون، فآتوهم نصيبهم من الميراث.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015