[34]

وقيل: المراد من قوله: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} الحلفاء، وبقوله: {فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} النصرة والنصيحة والمصافاة في العشرة، فقوله: {وَالَّذِينَ} مبتدأ متضمن معنى الشرط، خبره {فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ}، وعلى هذه الوجوه فليست الآية منسوخة، بخلاف ما لو حمل الذين عقدت أيمانكم على الحلفاء في الجاهلية، وقوله: {فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} على الميراث وهو السدس، فالآية حينئذ منسوخة بقوله تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ}، وكذا لو حمل على مؤاخاة النبي - صلى الله عليه وسلم - أو على الأبناء الأدعياء.

{إِنَّ اللَّهَ} سبحانه وتعالى: {كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ} من أعمالكم وغيرها {شَهِيدًا}؛ أي: مطلعًا عالمًا بها، فهو عالم الغيب والشهادة؛ أي: إن الله رقيب شاهد على تصرفاتكم في التركة وغيرها، فلا يطمعنَّ من بيده المال أن يأكل من نصيب أحد الورثة شيئًا، سواء أكان ذكرًا أم أنثى، كبيرًا أم صغيرًا، وجاءت هذه الآية لمنع طمع بعض الوارثين في نصيب بعض.

وقرأ الجمهور (?): {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} بالألف والمفعول محذوف؛ أي: عاقدتهم أيمانكم، وقرىء {عَقَدَت} بغير ألف، والمفعول محذوف أيضًا هو والعائد تقديره: عقدت حلفهم أيمانكم، وروي عن حمزة أنه قرأ: {عقّدت} بتشديد القاف على التكثير؛ أي: والذين عقدت لهم أيمانكم الحلف.

34 - {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ}، أي: مسلطون {عَلَى} تأديب {النِّسَاءِ} تسليط الولاة على الرعايا {بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}؛ أي: بسبب تفضيل الله تعالى إياهم عليهن بكمال العقل، وحسن التدبير ورزانة الرأي، ومزيد القوة في الأعمال والطاعات، ولذِلك خُصوا بالنبوة والإمامة والولاية وإقامة الشعائر، والشهادة في جميع القضايا، ووجوب الجهاد والجمعة وغير ذلك، لكون الرجل يتزوج بأربع نسوة ولا يجوز للمرأة غير زوج واحد، ومنه زيادة النصيب في الميراث، وبيده الطلاق والنكاح والرجعة وإليه الانتساب، فكل هذا يدل على فضل الرجال على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015