تنقيص حقوق الورثة {أَوْ دَيْنٍ}؛ أي: ومن بعد قضاء دين عليه، إن كان حالةَ كونه {غَيْرَ مُضَارٍّ} به؛ أي: غير مدخل الضرر على الورثةِ بذلك الدين؛ بأن يقر على نفسه بدين لا حقيقةَ له لحرمان الورثة.
والحاصل (?): أن الضرار في الوصية، والدين يقع على وجوه:
الأول: أن يوصي بأكثر من الثلث، وهو لا يصح، ولا ينفذ، وعن ابن عباس: إنّ الضِرَارَ فيها من الكبائر.
الثاني: أن يوصي بالثلث فما دونه، لا لغرض من القربة، والتصدق لوجه الله بل لغرض تنقيص حقوق الورثة.
الثالث: أن يقر بدين لأجنبي يستغرق المالَ كله، أو بعضَه، ولا يريد بذلك إلا مضارة الورثة، وكثيرًا ما يفعله المبغضون للورثة، ولا سيما إذا كانوا كلالةً، ومن ثم جاء ذكر هذا القيد {غَيْرَ مُضَارٍّ} في وصية ميراث الكلالة؛ لأن القصد إلى مضارة الوالدَين، أو الأولاد، وكذا الأزواج نادرٌ.
الرابع. أن يقر بأن الدينَ الذي كان له على فلان، قد استوفاه، ووَصَلَ إليه.
الخامس: أن يبيع شيئًا بثمن بخس، أو يشتري شيئًا بثمن غال.
والمعنى: تدفع الأنصباء لأصحابها بعد إخراج وصية، وقضاء دين لم يحصل بهما ضرر للورثة، وإن حصل الضرر بهما، فلا اعتبار بهما. قال الشوكاني (?): فما صَدَرَ من الإقرارات بالديون، أو الوصايا المنهي عنها له، أو التي لا مقصد لصاحِبِهَا إلا المضارةَ لورثته، فهو باطل مردود، لا ينفذ منه شيء لا الثلث ولا دونه، وإنما كرر الوصية أربعَ مرات لاختلاف الموصين، فالأول: الأولاد؛ والثاني: الزوجة، والثالث: الزوج، والرابع: الكلالة.
قال النخعي: قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يوص، وقبض أبو بكر، وقد وصى