وكما وقع الخلاف في إثباتها، وقع الخلاف في الجهر بها في الصلاة، وقد أخرج النسائي في «سننه»، وابن خزيمة وابن حبان في «صحيحيهما»، والحاكم في «المستدرك»، عن أبي هريرة: (أنّه صلّى فجهر في قراءته بالبسملة، وقال بعد أن فرغ: إنّي لأشبهكم صلاة برسول الله صلّى الله عليه وسلّم)، وصحّحه الدارقطني، والخطيب، والبيهقي، وغيرهم.
وروى أبو داود، والترمذي، عن ابن عباس: (أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، كان يفتح الصلاة ببِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)، قال الترمذي: وليس إسناده بذاك، وقد أخرجه الحاكم في المستدرك، عن ابن عباس بلفظ، كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، يجهر ببِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، ثم قال: صحيح.
وأخرج البخاريّ في صحيحه، عن أنس، أنّه سئل عن قراءة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: (كانت قراءته مدّا، ثمّ قرأ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ} يمدّ {بِسْمِ اللَّهِ}، ويمدّ {الرَّحْمنِ}، ويمدّ {الرَّحِيمِ}.
وأخرج أحمد في «المسند»، وأبو داود في «السنن»، وابن خزيمة في «صحيحه»، والحاكم في «مستدركه» عن أمّ سلمة أنّها قالت: (كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقطّع قراءته {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (2) الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (3) مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)}، وقال الدارقطني: إسناده صحيح. واحتجّ من قال: بأنّه لا يجهر بالبسملة في الصلاة، بما في «صحيح مسلم» عن عائشة قالت: (كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، يفتتح الصلاة بالتكبير، والقراءة بالحمد لله رب العالمين).
وفي «الصحيحين»، عن أنس قال: (صليت خلف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأبي بكر، وعمر، وعثمان، فكانوا يستفتحون بالحمد لله ربّ العالمين)، ولمسلم لا يذكرون {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ} في أوّل قراءة، ولا في آخرها.
وأخرج أهل السنن نحوه، عن عبد الله بن مغفّل، وإلى هذا ذهب الخلفاء الأربعة، وجماعة من الصحابة.
وأحاديث الترك وإن كانت أصحّ، ولكن الإثبات أرجح مع كونه خارجا من