بينهما، فوجب جعلها منه.
- وقول أمّ سلمة رضي الله عنها: (قرأ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم (الفاتحة)، وعدّ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ} آية)، ومن أجل قولها اختلف في أنها آية برأسها، أم بما بعدها. وذهب مالك وغيره من علماء المدينة، والأوزاعي، وجماعة من علماء الشام، وأبو عمرو، ويعقوب من قرّاء البصرة - وهو الصحيح من مذهب أبي حنيفة - إلى أنّها آية مفردة من القرآن، أنزلت لبيان رؤوس السور والفصل بينها، فليست بآية من (الفاتحة) ولا من غيرها، ولم يختلفوا في أنها بعض آية في (سورة النمل). وذهب عبد الله بن مسعود أنها ليست من القرآن أصلا، وهو رأي بعض الحنفية، ومن أدلّتهم على ذلك: حديث أنس رضي الله عنه، قال: صلّيت خلف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأبي بكر، وعمر، وعثمان، وكانوا يستفتحون بالحمد لله ربّ العالمين، لا يذكرون {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ} في أوّل قراءة، ولا في آخرها.
وعبارة الشوكاني هنا: اختلف أهل العلم، هل هي آية مستقلة في أول كلّ سورة كتبت في أولها؟ أو هي بعض آية من أول كلّ سورة، أو هي كذلك في (الفاتحة) دون غيرها، أو أنّها ليست بآية في الجميع، وإنّما كتبت للفصل، والأقوال وأدّلتها مبسوطة في موضع الكلام على ذلك.
وقد اتفقوا على أنّها بعض آية في (سورة النمل)، وقد جزم قرّاء مكة والكوفة بأنها آية من (الفاتحة)، ومن كلّ سورة، وخالفهم قرّاء المدينة، والبصرة، والشام، فلم يجعلوها آية لا من (الفاتحة)، ولا من غيرها من السور. قالوا: وإنّما كتبت للفصل، والتبرّك. وقد أخرج أبو داود بإسناد صحيح عن ابن عباس: (أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، كان لا يعرف فصل السورة حتى ينزل عليه {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}، وأخرجه الحاكم في المستدرك. وأخرج ابن خزيمة في صحيحه عن أمّ سلمة: (أنّ رسول الله، قرأ البسملة في أول (الفاتحة) في الصلاة وغيرها آية)، وفي إسناده عمرو بن هارون البلخيّ، وفيه ضعف. وروى نحوه الدارقطنّي مرفوعا عن أبي هريرة.