[3]

العرب: أما إذا ظفر محمد بأهل الحرم، وقد أجارهم الله من أصحاب الفيل، فليس لكم به يدان، فكانوا يدخلون في دين الله أفواجًا بلا قتال، فصارت القبيلة تدخل بأسرها في الإِسلام، قال عكرمة ومقاتل: أراد بالناس أهل اليمن، وذلك أنه وفد من اليمن سبع مئة إنسان مؤمنين، قال أبو عمر ابن عبد البر: لم يمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي العرب رجل كافر، بل دخل الكل في الإِسلام بعد حُنين منهم من قدم، ومنهم من قدم وافده، وقال ابن عطية: والمراد والله أعلم: العرب عبدة الأوثان، وأما نصارى بني تغلب، فما أسلموا في حياته - صلى الله عليه وسلم -، ولكن أعطوا الجزية.

وفي "عين المعاني" {النَّاسَ}: هم أهل البحر، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "الإيمان يماني والحكمة يمانية"، وقال: وجدت نَفَس ربكم من جانب اليمن؛ أي: تنفيسه من الكرب، وعن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه -: أنه بكى ذات يوم، فقيل له في ذلك، فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "دخل الناس في دين الله أفواجًا، وسيخرجون منه أفواجًا".

3 - وقوله: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} جواب الشرط، وهو (?) العامل في {إِذَا}، والتقدير: فسبح يا محمد حال كونك متلبسًا بحمد ربك وقت حصول نصر الله إياك على أعدائك، وحصول فتح البلاد لك ورؤيتك الناس حال كونهم داخلين في دين الله جماعةً جماعة، وقال مكي: العامل في {إِذَا} هو {جَاءَ}، ورجحه أبو حيان، وضعف الأول بان ما جاء بعد فاء الجواب لا يعمل فيما قبلها.

والتسبيح هنا (?): مجاز عن التعجب بعلاقة السببية، فإن من رأى أمرًا عجيبًا يقول: سبحان الله، قال ابن الشيخ: لعل الوجه في إطلاق هذه الكلمة عند التعجب، كما ورد في الأثر: "ولكل أعجوبة سبحان الله" هو أن الإنسان عند مشاهدة الأمر العجيب الخارج عن حد أمثاله يستبعد وقوعه وتنفعل نفسه منه، كأنه استقصر قدرة الله، فلذلك خطر على قلبه أن يقول من قدر عليه وأوجده، ثم إنه في هذا الزعم مخطىء، فقال: سبحان الله تنزيهًا لله عن العجز عن خلق أمر عجيب يُستبعد وقوعه؛ لتيقنه بأن الله على شيء قدير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015