فتحه الله عليه من العلوم.
وعبر عن حصول النصر والفتح بالمجيء؛ للإيذان بأنهما متوجهان إليه - صلى الله عليه وسلم -، وقيل: {إِذَا} بمعنى قد، وقيل: بمعنى إذ، وقال الرازي: الفرق بين النصر والفتح: أن الفتح هو تحصيل المطلوب الذي كان مغلقًا، والنصر كالسبب للفتح، فلهذا بدأ بذكر النصر، وعطف عليه الفتح، أو يقال: النصر: كمال الدين، والفتح: إقبال الدنيا الذي هو تمام النعمة، أو يقال: النصر الظفر، والفتح الجنة. انتهى.
وهذا معنى كلامه، ويقال: الأمر أوضح من هذا وأظهر، فإن النصر هو التاييد الذي يكون به قهر الأعداء وغلبهم والاستعلاء عليهم، والفتح هو فتح مساكن الأعداء، ودخول منازلهم، فظهر من هذا أن كلًا من النصر والفتح في الآية ينبغي أن يحمل على ما هو المطلق، لكني اقتفيت أثر أهل التفسير في تقديم ما هو المقيد، لكنه قول مرجوح تسامح الله عن قائله.
2 - {وَرَأَيْتَ النَّاسَ}؛ أي (?): أبصرتهم أو علمتهم، يعني: العرب، و {اللام} للعهد، أو الاستغراق العرفي، جعلوه خطابًا للنبي - صلى الله عليه وسلم -، ويحتمل أن يكون الخطاب عامًا لكل مؤمن، وحينئذ يظهر جواب آخر من أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالاستغفار، مع أنه لا تقصير له، إذ الخطاب لا يخصه، فالأمر بالاستغفار لمن سواه وإدخاله في الأمر تغليب.
{يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ}؛ أي: في ملة الإِسلام التي لا دين يضاف إليه تعالى غيرها، والجملة على تقدير الرؤية بصرية حال من {النَّاسَ}، وعلى تقديرها علمية مفعول ثان.
وقال بعضهم: ومما يختلج في القلب أن المناسب لقوله: {يَدْخُلُونَ ...} إلخ أن يُحمل قوله: {وَالْفَتْحُ} على فتح باب الدين عليهم، وقوله: {أَفْوَاجًا} حال من فاعل {يَدْخُلُونَ}؛ أي: يدخلون فيه حال كونهم جماعات كثيرة فوجًا بعد فوج، كأهل مكة والطائف واليمن وهوازن وسائر قبائل العرب، وكانوا قبل ذلك يدخلون فيه واحدًا واحدًا أو اثنين اثنين، قال الحسن: لما فتح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة .. قالت