وإلحاقهم بالبهائم في التمتع بالدنيا، والذهول عن الآخرة.
وقيل: انتصاب {مَتَاعًا} على المصدرية، أي: متعناكم بذلك تمتيعًا لكم ولأنعامكم، أفلا يكون خالقكم وواهبكم ما به تحيون، ورافع السماء فوقكم، وممهد الأرض تحتكم قادرًا على بعثكم، وهل يليق به أن يترككم سدى بعد أن دبر أمركم هذا التدبير المحكم، ووفر لكم هذا الخير الكثير.
34 - وقوله: {فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى (34)} شروع (?) في بيان أحوال معادهم إثر بيان أحوال معاشهم، والفاء للدلالة على ترتب ما بعدها على ما قبلها عما قليل؛ كما ينبىء عنه لفظ المتاع، ويصح أن تكون فصيحةً. قال في "الصحاح": كل شيء كثر حتى علا وغلب، فقد طم، من باب رد، و {الْكُبْرَى}: تأنيث الأكبر، من كبر بالضم بمعنى عظم، لا من كبر بالكسهر بمعنى أسن، و {الطَّامَّةُ}: الداهية التي تعلو وتغلب كل الدواهي، فوصفها بالكبرى يكون للتأكيد، والمراد بها: القيامة، لطمومها على كل هائلة، أو النفخة الثانية، فإنه يشاهد يوم القيامة من الآيات الهائلة الخارجة عن العادة ما ينسى معه كل هائل، وعند النفخة الثانية تحشر الخلائق إلى موقف القيامة، وخصت سورة النازعات بالطامة، وسورة عبس بالصاخة؛ لأن الطم إن كان بمعنى النفخة الأولى للإهلاك .. فهو قبل الصخ؛ أي: الصوت الشديد الذي يحيى له الناس حين يصيخون له، كما ينتبه النائم بالصوت الشديد، فهو بمعنى النفخة الثانية، فجعل السابق للسورة السابقة، واللاحق للَّاحقة، وإن كان بمعنى النفخة الثانية .. فحسن الموقع في كلا الموضعين؛ لأن الطم ورد بعد قوله: {تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ (7)}، والصخ بعدما بين عدم إصاخة النبي - صلى الله عليه وسلم - لابن أم مكتوم، وجواب {إذا} محذوف يدل عليه التفصيل المذكور، والتقدير: إذا عرفتم حال معاشكم، وأردتم بيان حال معادكم .. فأقول لكم: إذا جاء وقت وقوع الداهية العظمى التي تطم وتغلب على سائر الطامات والدواهي .. يكون من عظائم الأمور ما لا يخطر في بال، ولم تره عين، ولم تسمع به أذن.
35 - وقوله: {يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى (35)} منصوب (?) بأعني تذكيرًا وبيانًا للطامة "الكبرى" و {مَا} موصولة، وسعى بمعنى: عمل؛ أي: أعني بالطامة الكبرى: يوم