واحد وألزقتهما، والباب يدل على وضع شيء مبسوط على مثله حتى يغطّيه، والمعنى: مطابقة بعضها فوق بعض وسماء فوق سماء.
{فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ} والإضافة فيه من إضافة المصدر إلى فاعله، والمفعول محذوف تقديره: في خلق الرحمن لهن أو لغيرهن. {مِنْ تَفَاوُتٍ} قال الراغب: التفاوت: الاختلاف في الأوصاف، كأنّه يفوت وصف أحدهما الآخر أو وصف كلّ واحد منهما الآخر، وحكى أبو زيد: تفاوت الشيء تفاوتًا بضم الواو وفتحها وكسرها، والقياس هو الضم كالتقابل، والفتح والكسر شاذان. والتفاوت: عدم التناسب؛ لأن بعض الأجزاء يفوت الآخر.
{فَارْجِعِ الْبَصَرَ}؛ أي: ردّه إلى رؤية السماء. و {رَجَعَ} يجيء لازمًا ومتعدّيًا يقال: رجع بنفسه رجوعًا، وهو العود إلى ما منه البدء، مكانًا أو فعلًا أو قولًا، بذاته كان رجوعه أو بجزء من أجزائه أو بفعل من أفعاله، ورجعه غير رجعًا؛ أي: رده وأعاده. {مِنْ فُطُورٍ} جمع فطر، كما في القاموس. وهو الشق، يقال: فطره فانفطر؛ أي: شقّه فانشقّ؛ والمعنى: من شقوق وصدوع لامتناع خرقها والتئامها. وفي المختار: والفطر: الشق، يقال: فطره فانفطر وتفطر الشيء: تشقق، وبابه نصر.
{كَرَّتَيْنِ}؛ أي: رجعتين أخريين، والمراد بالتثنية التكرير والتكثير كما في لبيك، أي: أجبت لك إجابات كثيرة بعضها إثر بعض، وذلك لأنّ الكلال الآتي لا يقع بالمرّتين؛ أي: رجعة بعد رجعة وإن كثرت، وهو مصدر من كرَّ من باب ردَّ، يقال: كرّ على عدوّه بعدما فرّ، كرّا وكرورا، والكرّة مرّة منه.
{خَاسِئًا} اسم فاعل من خسَأ بمعنى تباعد وهرب، وفيه معنى الصغار والذلة، فإذا قيل: خَسَأ الكلب خَسْأً فمعناه: تباعد من هوانه وخوفه كأنّه زجر وطرد عن مكانه الأول بالصغار، وخَسأ يجيء متعدّيًا أيضًا يقال: خَسأت الكلب فخسأَ؛ أي: باعدته وطردته وزجرته مستهينًا به فانزجر، وذلك إذا قيل له: اخسأ. قال الراغب: ومنه: خسأ البصر؛ أي: انقبض من مهانةٍ، وفي القاموس: الخاسيءُ من الكلاب والخنازير: المبعد لا يترك أن يدنو من الناس، ولا يكون {خَاسِئًا} في الآية من المتعدي إلا بأن يكون بمعنى المفعول؛ أي: مبعدًا.