وكمال الصفة يرشد إلى كمال الموصوف. {الْحُسْنَى}: مؤنث الأحسن، الذي هو أفعل تفضيل، لا مؤنث أحسن المقابل لامرأة حسناء. وفي "القاموس": ولا تقل رجل أحسن في مقابلة امرأة حسناء، وعكسه غلام أمرد، ولا يقال: جارية مرداء وإنما يقال: هو الأحسن على إرادة أفعل التفضيل، وجمعه: أحاسن. و {الْحُسْنَى}: بضم الحاء والقصر: ضد السوءى. اهـ. وفي "البحر" في سورة الأعراف عند قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} ما نصه: قال الزمخشري: ولله الأسماء الحسنى التي هي أحسن الأسماء؛ لأنها تدل على معان حسنة، من تحميد وتقديس وغير ذلك. اهـ. فالحسنى هنا تأنيث الأحسن، ووَصَفَ الجَمْعَ الذي لا يَعقِلُ بما توصف به الواحدة، كقوله: {وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى}، وهو فصيح، ولو جاء على المطابقة للجمع .. لكان التركيب: الحُسَنَ، على وزن الأُخَرَ؛ كقوله: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. لأن جمع ما لا يعقل يخبر عنه، ويوصف بجمع المؤنث وإن كان المفرد مذكرًا. اهـ.
تتمة: ونقل صاحب "اللباب" عن الإِمام الرازي أنه قال: رأيت في بعض كتب الذِّكر أن لله تعالى أربعة آلاف اسم: ألف منها في القرآن والأخبار الصحيحة وألف منها في التوراة، وألف منها في الإنجيل، وألف منها في الزبور. اهـ. فلعل كونها تسعة وتسعين بالنظر إلى الأشهر الأشرف الأجمع. وتعدد الأسماء لا يدل على تعدد المسمى؛ لأن الواحد يسمى أبًا من وجه، وجدًا من وجه، وخالًا من وجه، وعالمًا من وجه، وكريمًا من وجه، وشجاعًا من وجه وذاته متحدة.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: الاستفهام التقريري التعجبي في قوله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا}.
ومنها: الإتيان بصيغة المضارع في قوله: {يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ} للدلالة على استمرار قولهم، أو لاستحضار صورته الماضية.
ومنها: الكناية في قوله: {لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ}؛ لأنه كناية عن الانهزام الملزوم لتولية الأدبار.