الكمال ونعوت الجلال، فكل اسم دل على هذه المعاني .. كان اسمًا حسنًا، وأنه لا فائدة في الألفاظ إلا رعاية المعاني، فإذا كانت المعاني صحيحة .. كان المنع من إطلاق اللفظ المفيد غير لائق به تعالى.

والمعنى: أي هو الله الخالق لجميع الأشياء، المبرز لها إلى عالم الوجود على الصفة التي أرادها، كما قال: {فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ}. وله الصفات التي وصف بها نفسه، لا يشركه فيها أحد سواه.

{يُسَبِّحُ لِلَّهِ}؛ أي: ينزهه سبحانه وتعالى من جميع النقائص {مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}؛ أي: جميع ما فيهما، إما بلسان المقال أو بلسان الحال. أي: ينطق بتنزهه تعالى تنزهًا ظاهرًا عن جميع النقائص، وقد مر الكلام على هذا التسبيح مرارًا كثيرًا. وجمهور المحققين على أنه تسبيح عبارة، وهو لا ينافي تسبيح الإشارة، وكذا العكس.

{وَهُوَ} سبحانه وتعالى {الْعَزِيزُ}؛ أي: الغالب لغيره الذي لا يغالبه مغالب. {الْحَكِيمُ} في كل ما دبره في الأمور التي يقضي بها، وإنما مدح الله سبحانه نفسه بهذه الصفات العظام تعليمًا لعباده المدح له بصفاته العلى بعد فهم معانيها ومعرفة استحقاقه بذلك، طلبًا لزيادة تقربهم إليه.

قال أبو الليث في "تفسيره": فإن قال قائل: قد قال الله تعالى: {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} فما الحكمة في أن الله تعالى نهى عباده عن مدح أنفسهم ومدح نفسه؟ قيل له: عن هذا السؤال جوابان:

أحدهما: أن العبد وإن كان فيه خصال الخير فهو ناقص، وإذا كان ناقصًا .. لا يجوز له أن يمدح نفسه، والله تعالى تام الملك والقدرة فيستوجب بهما المدح، فمدح نفسه ليعلم عباده فيمدحوه.

والجواب الآخر: أن العبد وإن كان فيه خصال الخير، فتلك إفضال من الله تعالى وإحسان منه، ولم يكن ذلك بقوة العبد وقدرته؛ فلهذا لا يجوز أن يمدح نفسه، ونظير هذا: أن الله تعالى نهى عباده أن يمنوا على أحد بالمعروف، وقد منّ على عباده للمعنى الذي ذكر في المدح.

قال بعض الكبار: تزكية الإنسان لنفسه سم قاتل، وهي من باب شهادة الزور؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015