الأولى، فأدغموها في الثانية. {أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} العشيرة: أهل الرجل الذين يتكثّر بهم؛ أي: يصيرون بمنزلة الكامل. وذلك أن العشرة هو العدد الكامل، فصار العشيرة لكل جماعة من أقارب الرجل يتكثر بهم. والعشير: المعاشر قريبًا أو معارفًا. وفي "القاموس": عشيرة الرجل بنو أبيه الأدنون أو قبيلته، انتهى.

البلاغة

وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:

فمنها: الإتيان بصيغة المضارع في قوله: {وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ} للدلالة على تكرر الحلف وتجدده حسب تكرر ما يقتضيه.

ومنها: التقييد بقوله: {وَهُمْ يَعْلَمُونَ}: دلالة على أن الكذب يعم ما يعلم المخبر عدم مطابقته للواقع وما لا يعلمه، فيكون حُجة على النظَّام، والجاحظ، كما مر.

فائدة: ذكر علماء البلاغة في حد الصدق والكذب أقوالًا أربعة:

أولًا - إن الصدق مطابقة حكم الخبر للواقع، والكذب عدم مطابقته له. ولو كان الاعتقاد بخلاف ذلك في الحالين.

ثانيًا - وهو للنظَّام من كبار المعتزلة -: أن الصدق المطابقة لاعتقاد المخبر، ولو خطأ، والكذب: عدم مطابقته للاعتقاد، ولو صوابًا. وما الاعتقاد معه على هذا القول داخل في الكذب بلا واسطة.

ثالثًا - وهو للجاحظ، أحد شيوخ المعتزلة أيضًا -: أن الصدق المطابقة للخارج مع اعتقاد المخبر المطابقة. والكذب عدم المطابقة للواقع مع اعتقاد عدمها. وما عدا ذلك ليس بصدق ولا كذب - أي: واسطة بينهما -. وهو أربع صور: المطابق ولا اعتقاد لشيء، والمطابق مع اعتقاد عدم المطابقة، وغير المطابق مع اعتقاد المطابقة، وغيره ولا اعتقاد.

رابعًا - وهو للراغب -: وهو مثل قول الجاحظ، غير أنه وَصَف الصور الأربع بالصدق والكذب باعتبارين؛ فالصدق باعتبار المطابقة للخارج أو للاعتقاد، والكذب من حيث انتفاء المطابقة للخارج أو للاعتقاد. وحجة ما لكل من الأقوال مذكورة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015