الإيمان الصحيح، وكان صاحبه منافقًا.
أخرج الطبراني والحاكم والترمذي مرفوعًا: يقول الله تبارك وتعالى: "وعزتي لا ينال رحمتي من لم يوال أوليائي ويعاد أعدائي".
وأخرج الديلمي من طريق الحسن عن معاذ، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم لا تجعل لفاجر ولا لغاش عليّ يدًا ولا نعمة فيوده قلبي، فإني وجدت فيما أوحيت إليّ {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}.
تتمّة: وبدأ بالآباء (?)؛ لأنهم الواجب على الأولاد طاعتهم، فنهاهم عن مودتهم، وقال تعالى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا}، {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}. ثم ثنى بالأبناء؛ لأنهم أعلق بالقلوب، ثم أتى ثالثًا بالإخوان؛ لأن بهم التعاضد، كما قيل:
أَخَاكَ أَخَاكَ إِنَّ مَنْ لَا أَخَا لَهُ ... كَسَاعٍ إِلَى الْهَيْجَا بِغَيْرِ سِلَاحِ
ثم رابعًا بالعشيرة؛ لأن بها التناصر، وبهم المقاتلة والتغلب، والتسرع إلى ما دعوا إليه ما قال:
لَا يَسْأَلُوْنَ أَخَاهُمْ حِيْنَ يَنْدُبُهُمْ ... فِي النَّائِبَاتِ عَلَى مَا قَالَ بُرْهَانا
وقرأ الجمهور: {أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} على الإفراد، وأبو رجاء على الجمع {عَشِيْرَاتِهم}.
ورويت هذه القراءة عن عاصم.
ثم بيَّن العلة في عدم اجتماع الإِيمان، ومودة أعدائه، فقال: {أُولَئِكَ} الذين سلفت أوصافهم. فهو إِشارة إِلى الذين لا يوادونهم وإن كانوا أقرب الناس إليهم وأمسهم رحمًا. {كَتَبَ} الله سبحانه؛ أي: خلق، وأثبت، وأركز {فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ} وهو (?) الإيمان الوهبي الذي وهبه الله لهم قبل خلق الأصلاب والأرحام، إذ لا يزال أبدًا بحال كالإِيمان المستعار. وفيه دلالة على خروج العمل من مفهوم الإِيمان، فإن الجزء الثابت في القلب ثابت فيه قطعًا، ولا شيء من أعمال الجوارح