[22]

وقوله: {إِنَّ اللَّهَ} سبحانه، تعليل للقهر والغلبة، أكده لأن أفعالهم مع أوليائه أفعال من يظن ضعفه {قَوِيٌّ} على نصر أنبيائه. قال بعضهم: القوي: هو الذي لا يلحقه ضعف في ذاته ولا في صفاته، ولا في أفعاله، ولا يمسه نصب ولا تعب، ولا يدركه قصور ولا عجز في نقض ولا إبرام. والقوة في الأصل: عبارة عن شدة البنية وصلابتها المضادة للضعف، ويراد بها: القدرة بالنسبة إلى الله تعالى. {عَزِيزٌ} لا يغلب عليه في مراده.

والمعنى: أن الله الذي له الأمر كله - قوي على نصر رسله، لا يُغلب على مراده، فمتى أراد شيئًا .. كان، ولم يجد معارضًا ولا ممانعًا، كما قال: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82)}.

فإن قلت (?): فإذا كان الله قويًا عزيزًا غير عاجز. فما وجه انهزام المسلمين في بعض الأحيان وقد وعد النصر لأوليائه؟

قلت: إن النصرة والغلبة منصب شريف فلا يليق بالكافر، لكن الله تعالى تارة يشدد المحنة على الكفار، وأخرى على المؤمنين؛ لأنه لو شدد المحنة على الكفار في جميع الأوقات وأزالها عن المؤمنين في جميع الأوقات .. لحصل العلم الضروري بأن الإيمان حق وما سواه باطل ولو كان كذلك .. لبطل التكليف والثواب والعقاب. فلهذا المعنى تارة يسلط الله المحنة على أهل الإيمان، وأخرى على أهل الكفر، لتكون الشبهات باقية، والمكلف يدفعها بواسطة النظر في الدلائل الدالة على صحة الإِسلام، فيعظم ثوابه عند الله تعالى.

22 - {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}: الخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - أو لكل أحد. و {تَجِدُ} إما متعد إلى اثنين، فقدله: {يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} مفعوله الثاني، أو إلى واحدٍ؛ بأن كان بمعنى: صادف، فهو حال من مفعوله، لتخصيصه بالصفة، وهو {يُؤْمِنُونَ}. والموادة: الصحابة، مفاعلة من المودة، بمعنى: المحبة، وهي: حالة تكون في القلب أولًا، ويظهر آثارها في القالب ثانيًا. والمراد بمن حاد الله ورسوله: المنافقون، واليهود، والفساق، والظلمة، والمبتدعة. والمراد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015