نوعًا، ولا كيفيته إخلاصًا أو نفاقًا أو رياء أو سمعة ولا كميته قلة أو كثرة، فهو خبير بتفسّحكم ونشزكم ونيتكم فيهما، فلا تضيع عند الله سبحانه. وجعله بعضهم تهديدًا لمن لم يمتثل بالأمر أو استكرهه، فلا بد من التفسح والطاعة وطلب العلم الشريف.
والمعنى: والله تعالى ذو خبرة بأعمالكم، لا يخفى عليه المطيع منكم من العاصي، وهو مجازيكم جميعًا بأعمالكم، فالمحسن بإحسانه، والمسيء بالذي هو أهله أو يعفو.
12 - {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} بالله ورسوله، وأخلصوا في إيمانهم {إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ} محمدًا - صلى الله عليه وسلم - أي: إذا كلمتموه سرًّا في بعض شؤونكم المهمة الداعية إلى مناجاته - صلى الله عليه وسلم -، ومكالمته سرًّا. والمناجاة: المحادثة سرًّا .. {فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً}؛ أي: فتصدقوا قبلها على المستحق.
والمعنى: إذا أردتم مساررة الرسول في أمر من أموركم .. فقدموا بين يدي مساررتكم له صدقة. والآية نزلت حين أكثر الناس عليه السؤال، حتى أسأموه وأملّوه، فأمرهم الله بتقديم الصدقة عند المناجاة، فكف كثير من الناس عن مناجاته، أما الفقير: فلعسرته، وأما الغني: فلشحّه. وقرىء: {صدقات} بالجمع كما في الآتي.
وفي هذا الأمر تعظيم الرسول، ونفع الفقراء، والزجر عن الإفراط في السؤال، والتمييز بين المخلص والمنافق، ومحب الآخرة ومحب الدنيا (?). واختلف في أنه للندب أو للوجوب، لكنه نسخ بقوله تعالى: {أَأَشْفَقْتُمْ ...} الآية، وهو وإن كان متصلًا به تلاوةً لكنه متراخ عنه نزولًا على ما هو شأن الناسخ. واختلف في مقدار تأخر الناسخ عن المنسوخ، فقيل: كان ساعة من النهار، والظاهر: أنه عشرة أيام؛ لما روي عن علي رضي الله عنه، كما قاله مقاتل بن حيان. وقال الكلبي: كان ذلك ليلة واحدة. وقال قتادة: ما كان ذلك إلا ساعة من نهار ثم نسخ. وهذا لا ينافي الجلوس في مجلسه المبارك، والتكلم معه لمصلحة دينية أو دنيوية بدون