[13]

النجوى، إذ المناجاة تكلم خاص، وعدم الخاص لا يقتضي عدم العام.

والمعنى (?): أي أيها المؤمنون إذا أراد أحد منكم أن يناجي الرسول ويسارّه فيما بينه وبينه .. فليقدم صدقة قبل هذا؛ لما في ذلك من تعظيم أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ونفع الفقراء والتمييز بين المؤمن حقًا والمنافق، ومن دفع التكاثر عليه - صلى الله عليه وسلم - من غير حاجة ملحة إلى ذلك.

ثم ذكر العلة في هذا فقال: {ذَلِكَ} التصدق بين يدي نجواكم {خَيْرٌ لَكُمْ} أيها المؤمنون من إمساكه؛ لما فيه من طاعة الله تعالى، {وَأَطْهَرُ} لأنفسكم من دنس الريبة ودرن البخل الناشىء من حب المال الذي هو من أعظم حب الدنيا، وهو رأس كل خطيئة. وتقييد (?) الأمر يكون امتثاله خيرًا لهم من عدم الامتثال وأطهر لنفوسهم ... يدل على أنه أمر ندب لا أمر وجوب، لكن قوله فيما بعد: {فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا} منبىء عن الوجوب؛ لأنه ترخيص لمن لم يجد، والظاهر: عدم الوجوب.

والمعنى: أن في هذا التقديم خيرًا لكم؛ لما فيه من الثواب العظيم عند ربكم، ومن تزكية النفوس وتطهيرها من الجشع في جمع المال وحب ادّخاره، وتعويدها بذله في المصالح العامة؛ كإغاثة ملهوف، ودفع خصاصة فقير، وإعانة ذي حاجة والنفقة في كل ما يرقي شأن الأمة ويرفع من قدرها ويعلي كلمتها، ويؤيد الدين، وينشر دعوته.

ثم أقام العذر للفقراء، فقال: {فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا} أيها الفقراء ما تتصدقون به بين يدي نجواكم، وعجزتم عن ذلك {فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ} لمن لم يجده {رَحِيمٌ} به حيث رخص له المناجاة بلا تصدق؛ لأنه ما أمر بها إلا من قدر عليها، وقد شرع هذا الحكم لتمييز المخلص من المنافق،

13 - فلما تمّ هذا الغرض انتهى ذلك الحكم، ورخص في المناجاة بدون تقديم صدقة، فقال: {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ}؛ أي: أبخلتم وخفتم العيلة والفاقة إن قدمتم الصدقات بين يدي نجواكم، ووسوس لكم الشيطان أن في هذا الإنفاق ضياعًا للمال. والاستفهام (?) فيه للتقرير، كأن بعضهم ترك المناجاة للإشفاق لا مخالفة للأمر. والإشفاق: الخوف من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015