آمنوا من الصحابة، وكذلك الذين أوتوا العلم. وقيل: المراد بالذين أوتوا العلم: الذين قرأوا القرآن. والأولى حمل الآية على العموم في كل مؤمن وكل صاحب علم من علوم الدين من جميع أهل هذه الملة. ولا دليل يدل على تخصيص الآية بالبعض دون الآخر. اهـ.
والخلاصة (?): إنكم أيها المؤمنون إذا فسح أحدكم لأخيه إذا أقبل أو إذا أمر بالخروج فخرج. فلا يظنن أن ذلك نقص في حقه، بل هو رفعةٌ وزيادة قربى عند ربه، والله تعالى لا يضيع ذلك بل يجزي به في الدنيا والآخرة؛ فإن من تواضع لأمر الله .. رفع الله قدره، ونشر ذكره.
ويعلم من الآية سرّ تقدم العالم على غيره في المجالس والمحاضر (?)؛ لأن الله تعالى قدمه وأعلاه، حيث جعل درجاته عالية. وفي الحديث: "فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب"؛ أي: فضل العالم الباقي بالله على العابد الفاني في الله، كما في "التأويلات النجمية".
قال بعضهم: المتعبد بغير علم كحمار الطاحونة يدور ولا يقطع المسافة. وحيث مدح العلم فالمراد به: العلم المقرون بالعمل. قال بعض الحكماء: ليت شعري أيَّ شيء أَدْرَكَ من فَاته العلم، وأَيُّ شيءٍ فات من أدرك العلم، وكل علم لم يوطَّد بعمل .. فإلى ذلّ يصير. وعن الزهري: العلم ذكر فلا يحبه إلا ذكورة الرجال. قال مقاتل: إذا انتهى المؤمن إلى باب الجنة يقال له: لست بعالم، ادخل الجنة بعملك، ويقال للعالم: قف على باب الجنة واشفع للناس.
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: لأن أَعلَم مسألة أحب إلى من أن أصلي مئة ركعة، ولأن أُعلِّم مسألة أحب إلى من أن أصلي ألف ركعة. وعن أبي هريرة وأبي ذر الغفاري رضي الله عنهما قالا: سمعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا جاء الموت طالب العلم على هذه الحال .. مات وهو شهيد".
{وَاللَّهُ} سبحانه وتعالى {بِمَا تَعْمَلُونَ}؛ أي: بعملكم أو بالذي تعملونه {خَبِيرٌ}؛ أي: عالم ببواطنه كظواهره، لا يخفى عليه شيء منه، لا ذاته جنسًا أو