عمموا هذا الحكم، فقالوا: إذا قال صاحب مجلس لمن في مجلسه: قوموا .. ينبغي أن يجاب، ولا ينبغي لقادم أن يقيم أحدًا ليجلس في مجلسه؛ فقد أخرج مالك، والبخاري، والترمذي، عن ابن عمر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يقم الرجل الرجل من مجلسه، ولكن تفسّحوا وتوسعوا".

وقوله: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ} أيها المؤمنون بامتثال أوامره وأوامر رسوله في الدنيا والآخرة بتوفير نصيبهم فيهما - جواب (?) للأمر - أي؛ من فعل ذلك طاعة للأمر وتوسعة للإخوان يرفعهم الله تعالى بالنصر، وحسن الذكر في الدنيا، والإيواء إلى غرف الجنان في الآخرة؛ لأن من تواضع رفعه الله، ومن تكبر وضعه، فالمراد: الرفعة المطلقة الشاملة للرفعة الصورية والمعنوية. وقوله: {و} يرفع {الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} منكم، معطوف على الموصول الأول، عطف خاص على عام، للدلالة على علو شأنهم وسمو مكانهم حتى كأنهم جنس آخر؛ أي: ويرفع الله الذين أوتوا العلم الديني منكم {دَرَجَاتٍ}؛ أي: طبقات عالية، ومراتب مرتفعة، بسبب ما جمعوا من العلم والعمل، فإن العلم لعلو درجته يقتضي للعمل المقرون به مزيد رفعة لا يدرك شأنه العمل العاري عنه وإن كان في غاية الصلاح، ولذا يقتدى بالعالم في أفعاله، ولا يقتدى بغيره. فعلم من هذا التقرير أنه لا شركة للمعطوف عليه في الدرجات، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما: تم الكلام عند قوله: {مِنْكُمْ} وينتصب {الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} بفعل مضمر؛ أي: ويرفعهم درجات، وانتصاب {دَرَجَاتٍ} إما على إسقاط الخافض؛ أي: إلى درجات، أو على المصدرية؛ أي: رفع درجات، فحذف المضاف، أو على الحالية من الموصول؛ أي: ذوي درجات، أو على التمييز.

وفي هذه الآية فضيلة عظيمة للعلم وأهله، وقد دلّ على فضله وفضلهم آيات قرآنية وأحاديث نبوية، كما بسطناها في كتابنا: "سلم المعراج على خطبة المنهاج".

وعبارة الشوكاني هنا: ومعنى الآية (?): أنه يرفع الذين آمنوا على من لم يؤمن درجات، ويرفع الذين أوتوا العلم على الذين آمنوا درجات، فمن جمع بين الإيمان والعلم .. رفعه الله بإيمانه درجات ثم رفعه بعلمه درجات. وقيل: المراد بالذين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015