فلا تنتجوا}.

{وَاتَّقُوا اللَّهَ}؛ أي: خافوا أيها المؤمنون عقاب الله {الَّذِي إِلَيْهِ} وحده {تُحْشَرُونَ} لا إلى غيره استقلالًا، ولا اشتراكًا فيجازيكم بكل ما تأتون وما تذرون.

والمعنى (?): أي إذا حدث منكم - أيها المؤمنون - تناج ومسارّة في أنديتكم وخلواتكم .. فلا تفعلوا كما يفعل أولئك الكفار من أهل الكتاب ومن مالأهم على ضلالهم من المنافقين، وتناجوا بما هو خير، واتقوا الله فيما تأتون وما تذرون، فإليه تحشرون فيخبركم بجميع أعمالكم وأقوالكم التي أحصاها عليكم، وسيجزيكم بها.

ودلت الآية (?) على أن التناجي ليس بمنهي عنه مطلقًا، بل مأمور به في بعض الوجوه، إيجابًا واستحبابًا وإباحة، على مقتضى المقام.

فإن قيل: كيف يأمر الله بالاتقاء عنه، وهو المولى الرحيم، والقرب منه ألذ المطالب، والأنس به أقصى المآرب، فالتقوى توجب الاجتناب، والحشر إليه يستدعي الإقبال إليه؟

يجاب عنه: بأن في الكلام مضافًا؛ إذ التقدير: واتقوا عذاب الله، أو قهر الله، أو غيرهما.

فإن قيل: إن العبد لو قدر على الخلاص من العذاب والقهر لأسرع إليه، لكنه ليس بقادر عليه، كما قال تعالى: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ}، والأمر إنما يكون بالمقدور {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}؟

أجيب عنه: بأن المراد: الاتقاء عن السبب من الذنوب والمعاصي الصادرة عن العبد العاصي، فالمراد: اتقوا ما يفضي إلى عذاب الله، ويقتضي قهره في الدارين، من الإثم والعدوان ومعصية الرسول التي هي السبب الموجب لذلك. فالمراد: النهي عن مباشرة الأسباب، والأمر بالاجتناب عنها.

وإن قيل: إن ذلك الاتقاء إنما يكون بتوفيق الله له، فإن وفق العبد له فلا حاجة إلى الأمر به، وإن لم يوفقه فلا قدرة له عليه، والأمر إنما يحسن في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015