{وَإِذَا جَاءُوكَ}؛ أي: وإذا جاءك يا محمد هؤلاء المتناجون من اليهود {حَيَّوْكَ}؛ أي: خاطبوك، وعظّموك، وسلموك {بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ}؛ أي: بشيء لم يقع من الله أن يحييك به؛ أي: بتحية لم يأذن الله فيه أن يقال لك، فيقولون: السام عليك؛ أي: إنهم يقولون إذا جاؤوك في تحيتهم إياك: السام عليك يا محمد، وهم يوهمون أنهم يقولون: السلام عليك، فيرد النبي - صلى الله عليه وسلم - فيقول: "عليكم" - بدون الواو -. ورواية: "وعليكم" بالواو خطأ، كذا في "عين المعاني". والسام بلغة اليهود: الموت. أو يقولون: أنعم صباحًا، وهو تحية الجاهلية، من النعومة؛ أي: ليصر صباحك ناعمًا لينًا لا بؤس فيه. والله سبحانه وتعالى يقول: {وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181)}، {وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى}، {أَيُّهَا الرَّسُولُ}، {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ}.
واختلفوا في رد السلام على أهل الذمة (?): فقال ابن عباس، والشعبي وقتادة: هو واجب؛ لظاهر الأمر بذلك. وقال مالك: ليس بواجب فإدن رددت فقل: عليك. وقال بعضهم: يقول في الرد: علاك السلام؛ أي: ارتفع عنك. وقال بعض المالكية: يقول في الرد: السلام عليك - بكسر السين -، يعني: الحجارة.
{وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ}؛ أي: فيما بينهم إذا خرجوا من عندك {لَوْلَا} تحضيضية؛ أي: هلا {يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ} لمحمد؛ أي: هلا يغضب علينا، ويقهرنا بجزائنا على الدعاء بالشر على محمد لو كان نبيًا حقًا، وقيل: المعنى: لو كان نبيًا .. لاستجيب له فينا حيث يقول: وعليكم ووقع علينا الموت عند ذلك.
{حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ} عذابًا، مبتدأ وخبر (?)؛ أي: محسبهم وكافيهم جهنم في التعذيب، من أحسبه إذ كفاه. {يَصْلَوْنَهَا}؛ أي: يدخلونها ويقاسون حرها لا محالة، وإن لم يعجل تعذيبهم لحكمة. والمراد: الاستهزاء بهم، والاستخفاف بشأنهم لكفرهم وعدم إيمانهم {فَبِئْسَ الْمَصِيرُ} والمرجع لهم، والمخصوص بالذم {جَهَنَّمُ}. قال في "برهان القرآن": الإتيان بالفاء لما فيه من معنى التعقيب؛ أي: فبئس المصير ما صاروا إليه، وهو جهنم، انتهى. وقال بعض المفسرين: وقولهم ذلك من جملة ما غفلوا عمّا عندهم من العلم، فإنهم كانوا أهل كتاب يعلمون أن