المتناجون. ومن جعله مصدرًا محضًا فعلى حذف مضاف؛ أي: ولا نجوى أدنى أو أكثر ثم حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه فأعرب بإعرابه. ويجوز أن يكون {وَلَا أَدْنَى} مبتدأ والخبر {إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ}. فهو من عطف الجمل. وقرأ الجمهور (?): {وَلَا أَكْثَرَ} بالمثلثة. وقرأ الحسن أيضًا، ومجاهد، والخليل بن أحمد، ويعقوب أيضًا {ولا أكبر} بالباء الموحدة والرفع، واحتمل الإعرابين: العطف على الموضع، والرفع بالابتداء.
{ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا}؛ أي: ثم بعد بعثهم يخبرهم بالذي عملوه في الدنيا {يَوْمَ الْقِيَامَةِ} تفضيحًا لهم، وإظهارًا لما يوجب عذابهم {إِنَّ اللَّهَ} سبحانه {بِكُلِّ شَيْءٍ} من المعلومات {عَلِيمٌ}؛ أي: مبالغ في علمه، لا يخفى عليه شيء كائنًا ما كان. وقرىء: {يُنَبِّئُهُمْ} بالتخفيف والهمز. وقرأ زيد بن علي بالتخفيف وترك الهمز وكسر الهاء، والجمهور بالتشديد والهمز وضم الهاء.
ومجمل معنى الآية (?): أي ألم تعلم أنه تعالى يعلم ما في السماوات وما في الأرض، فلا يتناجى ثلاثة إلا والله معهم ويعلم ما يقولون وما يدبرون ولا خمسة إلا وهو سادسهم يعلم ما به يتناجون، ولا نجوى أكثر من هذه الأعداد، ولا أقل منها إلا وهو عليم بها وعليم بزمانها ومكانها، لا يخفى عليه شيء من أمرها. وإنما خص هذه الأعداد لأن أقل ما لا بد منه في المشاورة التي يكون الغرض منها تدبير المصالح العامة ثلاثة، فيكون الاثنان كالمتنازعين نفيًا وإثباتًا، والثالث كالحكم بينهما، وحينئذٍ تكمن المشورة ويتم الغرض، وهكذا في كل جمع اجتمعوا للمشورة لا بد من واحد يكون حكمًا مقبول القول، ومن ثم يكون عدد رجال المشورة فردًا، كما جاء في الآية {ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا ...} إلخ؛ أي: ثم ينبىء هؤلاء المتناجين بما عملوا من عمل يحبه أو يسخطه يوم القيامة، وإنه لعليم بنجواهم وإسرارهم، لا تخفى عليه خافية من أمرهم.
8 - وقد علمت أن هذا الإنباء إنما هو لزيادة التقريع والتوبيخ على مرأى ومسمع من أهل الموقف، فيكون ذلك أنكى وأشد إيلامًا لهم. {أَلَمْ تَرَ}؛ أي: ألم تنظر يا محمد {إِلَى الَّذِينَ نُهُوا} ومنعوا {عَنِ النَّجْوَى} والمحادثة فيما بينهم دون المؤمنين