والحديد، وأمر الخلق بأن يقوموا بنصرة رسله؛ أتبع ذلك ببيان ما أنعم به على أنبيائه من النعم الجسام، فذكر أنه شرف نوحًا وإبراهيم عليهما السلام بالرسالة، ثم جعل في ذريتهما النبوة والكتاب، فما جاء أحد بعدهما بالنبوة إلا كان من سلائلهما.

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ ...} إلى آخر السورة، مناسبتها لما قبلها: أن الله سبحانه لما ذكر أن من آمنوا من أهل الكتاب إيمانًا صحيحًا لهم أجرهم عند ربهم. ذكر هنا من آمنوا منهم بعيسى أولًا، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - ثانيًا يؤتيهم أجرهم مرتين لإيمانهم بنبيهم، ثم بمحمد من بعده، ثم ذكر أن النبوة فضل من الله ورحمة منه، لا يخص به قومًا دون قوم، فهو أعلم حيث يجعل رسالته، لا كما يقول اليهود: إن الوحي والرسالة فينا، لا تعدونا إلى سوانا، فنحن شعب الله المختار، ونحن أبناء الله وأحبّاؤه.

أسباب النزول

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ ...} الآية، سبب نزول هذه الآية (?): ما أخرجه الطبراني في الأوسط بسند فيه من لا يعرف عن ابن عباس: أنّ أربعين من أصحاب النجاشي قدموا على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فشهدوا معه أحدًا، فكانت فيهم جراحات، ولم يقتل منهم أحد، فلما رأوا ما بالمؤمنين من الحاجة قالوا: يا رسول الله إنا أهل ميسرة، فأذن لنا نجيء بأموالنا نواسى بها المسلمين، فأنزل الله فيهم: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52)} الآيات، فلمّا نزلت قالوا: يا معشر المسلمين أما من آمن منا بكتابكم فله أجران، ومن لم يؤمن بكتابكم فله أجر كأجوركم. فأنزل الله عزّ وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ ...} الآية.

وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل قال: لما نزلت: {أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا ...} الآية، فخر مؤمنو أهل الكتاب على أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: لنا أجران ولكم أجر، فاشتد ذلك على الصحابة، فأنزل الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015