بينهما من فارق يوم القيامة .. ذكر هنا التفاوت بين حال المؤمنين وحال الكافرين.

قوله تعالى: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أنّ الله سبحانه لمّا بشر المؤمنين بأن نورهم يوم القيامة يسعى بين أيديهم وبأيمانهم، وحثهم على بذل الجهد وترك الغفلة، وذكر ثواب المتصدقين والمتصدقات .. أردف ذلك بوصف حال الدنيا، وسرعة زوالها، وتقضيها، وضرب لذلك مثل الأرض ينزل عليها المطر، فتنبت الزرع البهيج الناضر الذي يعجب الزرّاع لنمائه وجودة غلته، وبينما هو على تلك الحال إذا به يصفر بعد النضرة والخضرة، ويجف ثم يتكسر ويتفتت، وما الحياة الدنيا إلا مزرعة للآخرة، فمن أجاد زرعه حصد وربح، ومن توانى وكسل ندم ولات حين مندم.

قال سعيد بن جبير: الدنيا متاع الغرور إذا ألهتك عن طلب الآخرة، فأما إذا دعتك إلى طلب رضوان الله تعالى وطلب الآخرة فنعم المتاع، ونعم الوسيلة، ثم حث سبحانه على عمل ما يوصل إلى مغفرة الله ورضوانه، ويمهد إلى الدخول في جنات عرضها السماوات والأرض، أعدها لمن آمن به وبرسله فضلًا منه ورحمة، وهو المنعم عظيم الفضل.

قوله تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ ...} الآيات، مناسبتها لما قبلها: أن الله سبحانه لما بين (?) أن متاع هذه الدنيا زائل فان، وأن ما فيها من خير أو شر لا يدوم .. أردف ذلك بتهوين المصايب على المؤمنين، فذلك يكون مصدر سعادة نفوسهم واطمئنانها، وبدونه يكون شقاؤها وكآبتها. وآية ذلك أن لا يحزنوا على فائت، ولا يفرحوا بما يصل إليهم من لذاتها الفانية.

ثم بين أن المختالين الذين يبخلون بأموالهم على ذوي الحاجة والبائسين، ويأمرون بذلك، ويعرضون عن الإنفاق لا يبخلون إلا على أنفسهم، والله غني عنهم، وهو المحمود على نعمه التي لا تدخل تحت حد.

قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ ...} الآيات، مناسبتها لما قبلها: أن الله سبحانه لما ذكر أنه أرسل الرسل بالبينات والمعجزات، وأنه أنزل الميزان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015