[24]

الرشد بعد إضلال الله إياه، والاستفهام إنكاري؛ أي: لا أحد يستطيع أن يفعل ذلك، والهمزة في قوله: {أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} للاستفهام الإنكاري داخلة على محذوف، والفاء: عاطفة على ذلك المحذوف، والتقدير: ألا تلاحظون (?) أيها الناس فلا تتذكرون، ولا تتفكرون، فتعلموا أن الهداية لا يملكها أحد سواه، أو فلا تتعظون؛ أي: أفلا تتذكرون أيها القوم فتعلموا، أن من فعل الله به ما وصفنا، لن يهتدي أبدًا، ولم يجد لنفسه وليًا ولا مرشدًا، وقرأ الجمهور: {تَذَكَّرُونَ} بتشديد الذال، والجحدري يخففها، والأعمش بتاءين.

ومجمل معنى الآية (?): أي أخبرني عن حال ذلك الكافر الذي أطاع هواه وترك الهدى، واتخذ دينه ما يهواه، فكأنه جعل الهوى إلهه، يعبده من دون الله، فلا يهوى شيئًا إلا اتبعه دون مراعاة لما يحبه الله ويرضاه، فهذا مما يدعو إلى العجب، وكان الحارث بن قيس لا يهوى شيئًا إلا فعله، والعبرة بعموم لفظ الآية، لا بخصوص السبب الذي نزلت الآية من أجله.

وقد أضله الله، وخذله مع علمه بالحق، ومعرفته الهدى من الضلال، وقيام الحجة عليه، وطبع على سمعه حتى لا يسمع الوعظ، وعلى قلبه حتى لا يفقه الهدى، وجعل غطاء على بصره وبصيرته حتى لا يبصر الرشد، ويدرك آيات الله في الكون، التي تدل على وحدانية الله تعالى، فمن يوفقه للصواب والحق، من بعد إضلال الله له بسبب انحرافه واتباعه هواه، أفلا تتذكرون تذكر اعتبار، وتتعظون حتى تعلموا حقيقة الحال.

24 - ثم بين سبحانه بعض جهالاتهم، فقال: {وَقَالُوا}؛ أي: قال منكروا البعث من غاية غيهم وضلالهم، وهم كفار قريش، ومشركوا العرب، وفي "كشف الأسرار": هذا من قول الزنادقة، الذين قالوا: الناس كالحشيش أي: ما الحياة {إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا} التي نحن فيها {نَمُوتُ وَنَحْيَا}؛ أي: يصيبنا الموت، والحياة فيها، وليس وراء ذلك حياة، وتأخير {نحيا} لأن فيها شبه مراعاة الفاصلة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015