مطلق الطلب.
وقرىء (?): {آلهته هواه} لأنه كلما مال طبعه إلى شيء اتبعه، فكأنه اتخذ هواه آلهةً شتى، يعبد كل وقت واحدًا منها. وقوله: {وَأَضَلَّهُ اللَّهُ} سبحانه معطوف على صلة {مَنِ}، وقوله: {عَلَى عِلْمٍ} إما حال من الفاعل؛ أي: حال كون الله عالمًا في سابق علمه، بأن جوهر روحه لا يقبل الصلاح، أو من المفعول؛ أي: حال كون ذلك الضال، عالمًا بأن الحق هو الدين، ويعرض عنه عنادًا، كقوله: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ}؛ أي: خذله فلم يجعله يسلك سبيل الرشاد؛ لأنه قد علم أنه لا يهتدي ولو جاءته كل آية، لما في جوهر نفسه من الميل إلى ارتكاب الإجرام واتباع الشهوات، فهو يوغل في القبائح دون زاجر، ولا وازع.
{وَ} قد {خَتَمَ} وطبع {عَلَى سَمْعِهِ} فلا يتأثر بالآيات تتلى عليه ليعتبر بها، ولا يتدبرها ليعقل ما فيها من النور والهدى {وَ} ختم على {قَلْبِهِ} فلا يعي حقًا، ولا يسترشد إلى صواب {وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً} عظيمة، وغطاء مانعًا، يمنعه أن يبصر حجج الله، وآياته في الآفاق والأنفس فيستدل بها على وحدانيته تعالى، ويعلم بها أن لا إله غيره.
ونحو الآية قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (6) خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7)}. وقرأ الجمهور (?): {غِشَاوَةً} بكسر الغين المعجمة، وقرأ عبد الله، والأعمش: بفتحها، وهي لغة ربيعة، وقرأ الحسن، وعكرمة، وعبد الله أيضًا: بضمها، وهي لغة عكل، وقرأ الأعمش أيضًا وطلحة وأبو حنيفة ومسعود بن صالح وحمزة والكسائي: {غشوة} بفتح الغين وسكون الشين، وقرأ ابن مصرف والأعمش أيضًا كذلك إلا أنهما كسرا الغين.
ثم ذكر أن مثل هذا لا طمع في هدايته، فقال: {فَمَنْ يَهْدِيهِ} ويرشده {مِنْ بَعْدِ} إضلال {اللَّهِ} سبحانه إياه؛ أي: فمن يوفقه لإصابة الحق، وإبصار محجة