فَاعْصِ هَوَىَ النَّفْسِ وَلَا تُرْضِهَا ... إِنَّكَ إِنْ اسْخَطْتَهَا زَانَكَا
حَتَّى مَتَى تَطْلُبُ مَرْضَاتَهَا ... وَإِنَّمَا تَطْلُبُ عُدْوَانَكَا
وقال ابن عباس: ما ذكر الله سبحانه هوى في القرآن إلا ذمه، قال تعالى: {وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ}، وقال: {وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا}، وقال: {وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}، وروى عبد الله بن عمرو بن العاص، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما ذكره النووي في كتاب "الحجة" للمقدسي: "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به". وقال أبو أمامة سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ما عبد تحت السماء إله أبغض إلى الله من الهوى".
وروى شداد بن أوس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والفاجر من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله". أخرجه أحمد والترمذي وابن ماجه، والحاكم. وعنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إذا رأيت شحًا مطاعًا وهوى متبعًا ودنيا مؤثرةً، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بخاصة نفسك، ودع عنك أمر العامة". أخرجه الترمذي عن أبي ثعلبة الخشني. وعنه أنه قال: "ثلاث مهلكات، وثلاث منجيات، فالمهلكات: شح مطاع، وهوى متبع وإعجاب المرء بنفسه، والمنجيات: خشية الله في السر والعلن، والقصد في الغنى والفقر، والعدل في الرضا والغضب". أخرجه الطبراني في "الأوسط" عن ابن عمر وهو ضعيف، وحسبك ذمًا لاتباع الهوى، قوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41)}.
وقيل: معنى {أرأيت} أخبرني عن حال من اتخذ هواه إلهًا، فيتعدى (?) إلى مفعولين، الأول: هو من اتخذ، والثاني: محذوف تقديره: مهتديًا يدل عليه قوله: فمن يهديه من بعد الله؛ أي: لا أحد يهديه من بعد إضلال الله إياه، وفيه حينئذ تجوزان (?)، إطلاق الرؤية، وإرادة الإخبار على طريق إطلاق اسم السبب وإرادة المسبب؛ لأن الرؤية سبب للإخبار، وجعل الاستفهام بمعنى الأمر بجامع