فالقصر المستفاد من تعريف المسند حقيقي ادعائي، أو الله أو التوحيد فالقصر إضافي تحقيقي؛ أي: لا الشركاء ولا التشريك، والأول أولى، والضمائر في {سَنُرِيهِمْ} {وَفِي أَنْفُسِهِمْ} {وَلَهُمْ} للمشارفين منهم على الاهتداء، أو للجميع، على أنه من وصف الكل بوصف البعض.
والمعنى (?): أي سنري هؤلاء المشركين، وقائعنا بالبلاد المحيطة بمكة، وبمكة بما أجريناه على يدي نبينا، وعلى يدي خلفائه وأصحابه من الفتوح الدالة على قوة الإِسلام وأهله، ووهن الباطل وحزبه، حتى يعلموا حقيقة ما أوحينا به إليك، وأنه الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه، وأن وعده صادق، وأنه مظهر دينك على الأديان كلها.
والخلاصة: سنيسر لهم من الفتوح، ما لم يتيسر لأحد ممن قبلهم، ونظهرهم على الجبابرة والأكاسرة، ونجري على أيديهم من الأمور الخارجة عن المعهود الخارقة للعادة، فيستبين لهم أنّ هذا القرآن هو الحق، ومن ثمّ نصر حامليه، وأظهرهم على أعدائهم في قليل من الزمان.
ثمّ وبّخهم على إنكارهم تحقّق هذه الإراءة وحصولها فقال: {أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ} استئناف وارد (?) لتوبيخهم على تردّدهم في شأن القرآن، وعنادهم المحوج إلى إراءة الآيات، وعدم اكتفائهم بإخباره تعالى والهمزة للإنكار والواو للعطف على محذوف يقتضيه السياق، والباء مزيدة للتأكيد؛ أي: ألم يغن، ولم يكف ربك {أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} بدل منه؛ أي: ألم يغنهم عن إراءة الآيات الموعودة، المبينة لحقّية القرآن، ولم يكفهم في ذلك أنه تعالى شهيد على جميع الأشياء، وقد أخبر بأنه من عنده، فعدم الكفاية معتبر بالنسبة إليهم، كما يصرحه قوله الآتي: {أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ} وقرىء (إن) بكسر الهمزة على إضمار القول، أو على الاستئناف.