دلائلنا الدالة على قدرتنا. ووحدانيتنا المذكورة في القرآن، المبينة لهم فيما أوحى إلى محمد - صلى الله عليه وسلم -، من الحكمة الدالة على صدق القرآن وحقيقته، وكونه من عند الله تعالى حالة كون تلك الآيات {فِي الْآفَاقِ}؛ أي: في آفاق الأرض ونواحيها والمراد (?) بالآيات الآفاقية: ما أخبرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - من الحوادث الآتية، كغلبة الروم على فارس في بضع سنين، وآثار النوازل الماضية، الموافقة لما هو المضبوط، المقرّر عند أصحاب التواريخ، والحال، أنه - صلى الله عليه وسلم - أميّ لم يقرأ، ولم يكتب، ولم يخالط أحدًا، وما يسر الله له، ولخلفائه من الفتوح، والظهور على آفاق الدنيا، والاستيلاء على بلاد المشارق، والمغارب، على وجه خارق للعادة، إذا لم يتيسر أمثالها لأحد من خلفاء الأرض قبلهم {و} حالة كونها {فِي أَنْفُسِهِمْ}؛ أي: في أنفس أهل مكة، والمراد بالآيات التي في أنفسهم، هو ما ظهر بين أهل مكة من القحط والخوف، وما حل بهم يوم بدر ويوم الفتح من القتل والمقهورية، ولم ينقل إلينا أن مكة فتحت على يد أحد، قبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكذا قتل أهلها وأسرهم.
وقيل (?): المراد بالآفاق: أقطار السموات والأرض من الشمس والقمر والنجوم وما يترتب عليها من الليل والنهار والأضواء والظلال والظلمات ومن النبات والأشجار والأنهار، وفي أنفسهم من لطيف الصنعة، وبديع الحكمة في تكوين الأجنة في ظلمات الأرحام، وحدوث الأعضاء العجيبة، والتراكيب الغريبة، كقوله تعالى: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21)}.
واعتذر بأن معنى السين - مع أن اراءة تلك الآيات قد حصلت قبل ذلك - أنه تعالى سيطلعهم على تلك الآيات زمانًا فزمانًا، ويزيدهم وقوفًا على حقائقها يومًا فيومًا، قالوا: الآفاق هو العالم الكبير، والأنفس هو العالم الصغير {حَتَّى يَتَبَيَّنَ} ويتضح {لَهُم}؛ أي: لأهل مكة بما أريناهم من تلك الآيات. المذكورة في القرآن، أو في الحكمة {أَنَّهُ}؛ أي: أنّ القرآن أو الرسول محمدًا - صلى الله عليه وسلم -،