وفائدة التكرير: فيه ترسيخ الكلام في الأذهان، فإن النفوس تمل عادة من الوعظ والتنبيه، وتسأم النصيحة بادىء الأمر، ففي تكرير النصح والموعظة تعويد لها على استساغة ذلك، والعمل به، وقد ثبت: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يكرر عليهم ما يعظ وينصح به، ثلاثًا وسبعًا أحيانًا، ليركز ذلك في نفوسهم، والمعلم النابه لا يفتأ يردد ما يلقيه على طلابه من دروس، حتى يصبح مستساغًا إليهم، هشًا في نفوسهم، بعد أن كان صعبًا ممجوجًا.
ومنها: التهكم في قوله: {فَأَذاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ}؛ لأن الذوق إنما يكون في المطعوم الحالي، فعبر عن إيصال الصغار والعذاب إليهم بالإذاقة، تهكمًا بهم.
ومنها: ضرب المثل في قوله: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكاءُ ...} الآية. وهو نوع من التشبيه، فقد شبه حال من يعبد آلهة شتى بمملوك اشترك فيه شركاء، شجر بينهم خلاف شديد وخصام مبين، وهم يتجاذبونه، ويتعاورونه في شتى آرابهم، ومتباين أهوائهم، فهو يقف متحيرًا لا يدري لأيهم ينحاز؟، ولأيهم ينصاع، وأيهم أجدر بأن يطيعه؟. وحال من يعبد إلهًا واحدًا، فهو متوفر على خدمته، يلبي كل حاجاته، ويصيخ سمعًا لكل ما ينتدبه إليه، ويطلبه منه.
ومنها: تنكير {رجل} في الموضعين للإفراد؛ أي: فردًا من الأشخاص لفرد من الأشخاص.
ومنها: تخصيص الرجل؛ لأنه أفطن لما يجرى عليه من الضر والنفع؛ لأن المرأة والصبي قد يغفلان عن ذلك.
ومنها: الاستفهام الإنكاري في قوله: {هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلًا}.
ومنها: الاعتراض بجملة {الْحَمْدُ لِلَّهِ} في قوله: {هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ} فإن جملة {الْحَمْدُ لِلَّهِ} اعتراضية، لاعتراضها بين الكلامين، المرتبط أحدهما بالآخر، فإن قوله: {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ} إضراب انتقالي، مرتبط بقوله: {هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلًا}، فإنه انتقال من بيان عدم الاستواء على الوجه المذكور، إلى بيان أن أكثرهم لا يعلمون ذلك، مع كمال ظهوره، فيبقون