بحدوث الصفة. قال الفراء والكسائي: الميت بالتشديد: من لم يمت وسيموت، والميت بالتخفيف: من قد مات وفارقته الروح، قال قتادة: نُعيت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - نفسه، ونعيت إليهم أنفسهم.
31 - ووجه هذا الإخبار الإعلام للصحابة بأنه - صلى الله عليه وسلم - سيموت، فقد كان بعضهم يعتقد أنه لا يموت، مع كونه توطئة وتمهيدًا لما بعده، حيث قال:
{ثُمَّ إِنَّكُمْ}؛ أي: إنك، وإياهم على تغليب ضمير المخاطب، على ضمير الغائب. وأكد بـ {إن} وإن كان الاختصام مما لا ينكر، لتنزيل المخاطبين منزلة من يبالغ في إنكار الاختصام لانهماكهم في الغفلة عنه {يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ}؛ أي: عند مالك أمركم {تَخْتَصِمُونَ}؛ أي: تخاصمهم يا محمد، فتحتج أنت عليهم، بأنك بلغتهم ما أرسلت به إليهم من الأحكام والمواعظ، واجتهدت في الدعوة إلى الحق، حق الاجتهاد، وهم قد لجوا في المكابرة والعناد، ويعتذرون بما لا طائل تحته، وبما لا يدفع عنهم لومًا ولا تقريعًا، ويقول التابعون للرؤساء: أطعناكم فأضللتمونا، ويقول السادة: أغوانا الشيطان، وآباؤنا الأولون، وفي «بحر العلوم»: الوجه الوجيه: أن يراد الاختصام العام، وأن يخاصم الناس بعضهم بعضا، مؤمنًا أو كافرًا، فيما جرى بينهم في الدنيا بدلائل:
منها: قوله - صلى الله عليه وسلم -: «أول من يختصم يوم القيامة الرجل والمرأة، والله ما يتكلم لسانها، ولكن يداها تشهدان، ورجلاها عليها بما كانت تعيّب لزوجها، وتشهد عليه يداه ورجلاه بما كان يؤذيها».
وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من كان عنده مظلمة لأخيه، من عرض أو مال، فليتحلله اليوم قبل أن لا يكون دينار، ولا درهم، إن كان له عمل صالح، أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات، أخذ من سيئات صاحبه فحمّلت عليه»، رواه البخاري.
وعن أبي هريرة قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أتدرون من المفلس»؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن المفلس، من يأتي يوم القيامة بصلاة وزكاة وصيام، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه، أخذ من خطاياهم فطرحت