آلهة شتى، والمؤمن الذي يعبد الله وحده، انتهى. وقوله: {هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلًا}؛ أي: هل تستوي صفتاهما، وحالاهما؟ {الْحَمْدُ لِلَّهِ}؛ أي: بعد أن بطل القول بإثبات الشركاء والأنداد، وثبت أن لا إله إلا هو ثبت أن الحمد لله لا لغيره {بَلْ أَكْثَرُهُمْ}؛ أي: أكثر الناس لا يعلمون اختصاص الحمد بالله، فيشركوا به غيره.
وفي الآية (?): إشارة إلى بيان عدم الاستواء، بين الذي يتجاذبه شغل الدنيا، وشغل العيال، وغير ذلك من الأشياء المختلفة، والخواطر المتفرقة، وبين الذي هو خالص لله، ليس للخلق فيه نصيب، ولا للدنيا نصيب. وهو من الآخرة غريب، وإلى الله قريب منيب.
والحاصل: أن الراغب في الدنيا شغلته أمور مختلفة، فلا يتفرغ لعبادة ربه، وإذا كان في العبادة يكون قلبه مشغولًا بالدنيا، والزاهد قد تفرّغ من جميع أشغال الدنيا، فهو يعبد ربه خوفًا وطمعًا، والعارف قد تفرغ من الكونين، فهو يعبد ربه شوقًا إلى لقائه، فلا استواء بين البطّالين والطالبين، وبين المنقطعين والواصلين الحمد لله، والثناء له خاصةً. فعلى العاقل الرجوع إلى الله، والعمل بما في القرآن، والاعتبار بأمثاله حتى يكون من الذين يعلمون حقيقة الحال.
30 - ولما لم يلتفتوا إلى الحق، ولم ينتفعوا بضرب المثل .. أخبر سبحانه بأن مصير الجميع إلى الله تعالى، وأنهم يختصمون يوم القيامة بين يديه تعالى، وهو الحاكم العادل، وهناك يتميز المحق من المبطل، فقال: {إِنَّكَ} يا محمد {مَيِّتٌ}؛ أي: ستموت لا محالة {وَإِنَّهُمْ}؛ أي: وكفار مكة الذين يتربصون بك الموت {مَيِّتُونَ}؛ أي: سيموتون؛ أي: إنكم جميعًا بصدد الموت، والموت يعمكم، ولا معنى للتربص والشماتة، بل هو عين الجهالة.
وقرأ الجمهور: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30)} بالتشديد، وهي تُشعر بالثبوت واللزوم كالحي، وقرأ ابن محيصن، وابن الزبير، وابن أبي إسحاق، وعيسى بن عمر، واليماني، وابن غوث، وابن أبي عبلة {مائت ومائتون}. وهي تُشعر