السحاب {ماءً}؛ أي: مطرًا {فَسَلَكَهُ}؛ أي: فسلك ذلك الماء، وأدخله في الأرض؛ أي: أدخل ذلك الماء النازل من السماء في الأرض، وأسكنه فيها، وجعله {يَنابِيعَ}؛ أي: عيونًا، وركايًا، ومجاري كائنات {فِي الْأَرْضِ} كالعروق في الأجساد. قال الشعبي: كل ماء في الأرض فمن السماء نزل. والمعنى (?): أدخل الماء النازل من السماء في الأرض، وجعله فيها عيونًا جارية، أو جعله في ينابيع؛ أي: في أمكنة ينبع منها الماء، فهو على الوجه الثاني منصوب بنزع الخافض، قال مقاتل: فجعله عيونًا، وركايًا في الأرض. ونصب {يَنابِيعَ} إما على الظرفية، أو على الحال، أو على أنه مفعول ثان، لجعل المقدر.
{ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ}؛ أي: يخرج بذلك الماء من الأرض، وكلمة (?) {ثُمَّ} للتراخي في الرتبة، أو الزمان {زَرْعًا}؛ أي: نباتًا {مُخْتَلِفًا}؛ أي: متنوعًا {أَلْوانُهُ}؛ أي: صفاته، وكيفياته من الطعوم والروائح، من أصفر وأخضر وأبيض وأحمر وأغبر وأسود، من المر والحالي والطيّب، وغيره، قال في «المفردات»: اللون معروف، وينطوي على الأبيض، والأسود، وغيرهما، وقد يعبر بالألوان عن الأجناس والأنواع؛ أي: مختلفًا أجناسه من بر، وشعير، وأرز، وذرة، أو أنواعه كأنواع الحنطة، والشعير، والذرة. {ثُمَّ يَهِيجُ} ذلك الزرع النابت بالماء، وييبس، يقال: هاج النبت إذا تم جفافه؛ لأنه إذا تم جفافه حان له أن يثور من منبته. {فَتَراهُ}؛ أي: فتبصر أيها المخاطب ذلك النبت من يبسه {مُصْفَرًّا} بعد خضرته، ونضرته؛ أي: تراه ذا صفرة، والصفرة: لون بين البياض والسواد، كما سيأتي في مبحث اللغة، {ثُمَّ يَجْعَلُهُ}؛ أي: يجعل الله سبحانه ذلك النبت اليابس {حُطامًا}؛ أي: فتاتًا متكسرًا، كأن لم يغن بالأمس، يقال: تحطم العود إذا تفتت من اليبس، ولكون هذه الحالة من الآثار القوية، علّقت بجعل الله تعالى كالإخراج، وعبّر هنا بلفظ {يَجْعَلُهُ}، وفي الحديد بلفظ (يكون) موافقةً في كل منهما لما قبله، اهـ من «فتح الرحمن».