أحسن، وإن سجد أو ركع ساكتًا فهو جائز، وإن فعلهما مسبحًا فهو أحسن. ونظير هذه الآية قوله تعالى لموسى عليه السلام: {فَخُذْها بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها}، وقوله: {وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ}، انتهى ما في «الكشف».
وهذا (?) معنى ما قال بعضهم: يستمعون قول الله فيتبعون أحسنه، ويعملون بأفضله، وهو ما في القرآن من عفو، وصفح، واحتمال على أذى، ونحو ذلك، فالقرآن كله حسن، وإنما الأحسن بالنسبة إلى الآخذ والعامل، قال السيوطي رحمه الله في «الإتقان» (?): اختلف الناس، هل في القرآن شيء أفضل من شيء؟. فذهب الإمام أبو الحسن الأشعري رحمه الله، وبعض الأئمة الأعلام إلى المنع؛ لأن الجميع كلام الله تعالى، ولئلا يوهم التفضيل نقص المفضل عليه، وذهب آخرون من المحققين، وهو الحق: كلام الله في الله أفضل من كلامه في غيره، فـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} أفضل من {تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ}؛ لأن فيه فضيلة الذكر، وهو كلام الله، وفضيلة المذكور، وهو اسم ذاته وتوحيده وصفاته الإيجابية والسلبية، وسورة {تَبَّتْ} فيها فضيلة الذكر فقط، وهو كلام الله تعالى، والأخبار الواردة في فضائل القرآن، وتخصيص بعض السور والآيات بالفضل، وكثرة الثواب في تلاوتها لا تُحصى.
قال الإمام الغزالي في «جوهر القرآن» (?): كيف يكون بعض الآيات والسور أشرف من بعض، مع أن الكل كلام الله؟ فاعلم نوّرك الله بنور البصيرة، وقلّد صاحب الرسالة عليه السلام. فهو الذي أنزل عليه القرآن، وقال: {يس (1)} قلب القرآن، وفاتحة الكتاب أفضل سور القرآن، وآية الكرسي سيدة القرآن {وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} تعدل ثلث القرآن». ومن توقف في تعديل الآيات، أول قوله - صلى الله عليه وسلم -، أفضل سورة وأعظم سورة، أراد في الأجر والثواب. لا أن بعض القرآن أفضل من بعض، فالكل في فضل الكلام واحد، والتفاوت في الأجر لا في كلام