الطاغوت، وأنابوا إلى ربهم، وسمعوا القول فاتبعوا أولاه بالقبول، بالنعيم المقيم في جنات النعيم، وفيه (?) تصريح بكون التبشير من لسان الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وهو تبشير في الدنيا، وأما تبشير الملك فتبشير في الآخرة، كما قال: {لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ}، وبالجملة فتبشير الآخرة مرتب على تبشير الدنيا. فمن استأهل الثاني استأهل الأول.
قال السدي (?): يتبعون أحسن ما يؤمرون به، فيعملون بما فيه، وقيل: هو الرجل يسمع الحسن والقبيح، فيتحدث بالحسن، وينكف عن القبح فلا يتحدث، وقيل: يستمعون القرآن وغيره، فيتبعون القرآن، وقيل: يستمعون الرخص والعزائم فيتبعون العزائم ويتركون الرخص، وقيل: يأخذون بالعفو، ويتركون العقوبة، وقيل: إن الآية نزلت في عثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، وطلحة، والزبير، وسعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد، حين جاؤوا إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فسألوه فأخبرهم بإيمانه، فآمنوا، حكاه المهدوي في «التكملة». فيكون المعنى: يستمعون القول من أبي بكر، فيتبعون أحسنه، وهو قول: «لا إله إلا الله».
وفي «كشف الأسرار»: مثال هذا (?) الأحسن في الدين أن ولي القتيل، إذا طالب بالدم فهو حسن، وإذا عفا ورضي بالدية فهو أحسن، ومن جزى السيئة بالسيئة مثلها فهو حسن، وإن عفا وغفر فهو أحسن، وإن وزن أو كال فهو حسن، وإن أرجح فهو أحسن، وإن اتزن وعدل فهو حسن، وإن طفف على نفسه فهو أحسن، وإن رد السلام فقال: وعليكم السلام فهو حسن، وإن قال عليكم السلام ورحمة الله فهو أحسن، وإن حج راكبًا فهو حسن، وإن فعله راجلًا فهو أحسن، وإن غسل أعضاءه في الوضوء مرة مرة فهو حسن، وإن غسلها ثلاثًا ثلاثًا فهو أحسن، وإن جزى من ظلمه بمثل مظلمته فهو حسن، وإن جازاه بحسنة فهو