الإيمان بالله، كما قال تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى}. وقدم اجتناب الطاغوت على الإنابة إلى الله، كما قدم الكفر بالطاغوت على الإيمان بالله، على وفق كلمة التوحيد «لا إله إلا الله»، حيث قدم نفي وجود الإلهية على إثبات الألوهية لله تعالى، فقوله: {وَالَّذِينَ} مبتدأ، وقوله: {أَنْ يَعْبُدُوها} بدل اشتمال من الطاغوت، وقوله: {وَأَنابُوا} معطوف على {اجْتَنَبُوا}.
وجملة {لَهُمُ الْبُشْرى} خبر المبتدأ؛ أي (?): والذين اجتنبوا عبادة الطاغوت، ورجعوا إلى عبادة الله تعالى، وأقبلوا عليه معرضين عما سواه، لهم البشرى في الدنيا والآخرة، أما في الدنيا، فالثناء عليهم بصالح أعمالهم، وعند نزول الموت، وعند الوضع في القبر، وأما في الآخرة فعند الخروج من القبر، وعند الوقوف للحساب، وعند جواز الصراط، وعند دخول الجنة، وفي الجنة، ففي كل موقف من هذه الموافق، تحصل لهم البشارة بنوع من الخير، والراحة، والروح، والريحان، وقيل: لهم البشرى بالثواب والرضوان الأكبر على ألسنة الرسل، بالوحي في الدنيا، أو على ألسنة الملائكة عند حضور الموت، وحين يحشرون، وبعد ذلك، وقال بعضهم: لهم البشرى بأنهم من أهل الهداية والفضل من الله، وهي الكرامة الكبرى.
والمعنى (?): أي والذين اجتنبوا عبادة الأصنام، وأقبلوا إلى ربهم معرضين عما سواه، لهم البشرى، بالثواب العظيم من الله تعالى، على ألسنة رسله حين الموت، وحين يحشرون من قبورهم للحساب.
ثم مدحهم، بأنهم نقّاد في الدين، يميزون بين الحسن والأحسن، والفاضل والأفضل، فقال: {فَبَشِّرْ عِبادِ} والأصل عبادي بالياء، فحذفت
18 - {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ} الحق من كتاب الله تعالى، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - {فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ}؛ أي: محكمه، ويعملون به؛ أي: فبشر يا محمد عبادي الذين اجتنبوا عبادة