وفي (?) ذلك إشعار بشدة حالهم في النار، وتهكم بهم؛ لأن الظلة إنما هي للاستظلال والتبرد، خصوصًا في الأراضي الحارة كأرض الحجاز، فإذا كانت من النار نفسها كانت أحر، ومن تحتها أغم.
{ذَلِكَ} العذاب الفظيع هو الذي {يُخَوِّفُ اللَّهُ} سبحانه {بِهِ} بذلك العذاب {عِبادَهُ} في القرآن ليؤمنوا، ويحذرهم إياه بآيات الوعيد، ليجتنبوا ما يوقعهم فيه، وفي «الوسيط»: يخوف الله به عباده المؤمنين، يعني: أن ما ذكر من العذاب معد للكفار، وهو تخويف للمؤمنين ليخافوه، فيتقوه بالطاعة والتوحيد، وهو معنى قوله: {يَاعِبَادِ} بحذف الياء، وأصله يا عبادي بالياء {فَاتَّقُونِ} ولا تتعرضوا لما يوجب سخطي؛ أي: اتقوا هذه المعاصي، الموجبة لمثل هذا العذاب على الكفار. ووجه تخصيص العباد بالمؤمنين (?): أن الغالب في القرآن إطلاق لفظ العباد عليهم، وقيل: هو للكفار وأهل المعاصي، وقيل: هو عام للمسلمين والكفار. وهذه عظة من الله تعالى، بالغة منطوية على غاية اللطف والرحمة، وفيه إشارة، إلى أن الله تعالى، خلق جهنم سوطًا يسوق به عباده إلى الجنة، إذ ليس تحت الوجود إلا ما هو مشتمل على الحكمة والمصلحة، فمن خاف بتخويف الله تعالى إياه، من هذا الخسران .. فهو عبده عبدًا حقيقيًا، ومستأهل لشرف الإضافة إليه.
ومعنى قوله: {ذلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبادَهُ}؛ أي (?): إنما يقص عليكم ربكم خبر ما سيكون، لا محالة، ليزدجر عباده عن المحارم والآثام، ومعنى قوله: {يا عِبادِ فَاتَّقُونِ}؛ أي: يا عبادي بالغوا في الخوف والحذر والتقوى، ولا تتعرضوا لما يوجب سخطي. وهذه منة منه تعالى، منطوية على نهاية اللطف والرحمة.
الإعراب
{تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1) إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ